الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وإن كان في منزل لا يملكه ولم يكتره فلأهله إخراجها وعليه غيره " . [ ص: 253 ] قال الماوردي : وهذا صحيح إذا طلقها وهي في منزل لا يملكه فلا يخلو حاله من أن يكون مستأجرا أو معارا ، فإن كان مستأجرا فقد ملك سكناه فيلزم إقرارها فيه كما تقر في ملكه ما لم تنقض الإجارة ، وإن كان المنزل معارا فما لم يرجع فيه المعير فهي مقرة على السكنى ما أقرها المالك ، فإن رجع المعير أو انقضت مدة الإجارة فقد استحق إخراجها منه ، ولمالكه حالتان : إحداهما : أن يبذله بأجرة مثله ، فعلى الزوج بذلها له وتقر المعتدة فيه إلى انقضاء عدتها ولا يجوز إخراجها منه . والحال الثانية : أن يمتنع المالك في بذل المنزل بأجرة المثل ، ويقيم على استرجاعه أو بأكثر من أجرة مثله فهو في الحالين مانع منه : لأن طلب الزيادة على أجرة المثل في حكم المانع ، وإذا صار مانعا من إقرارها في منزله لم يجبر عليه ووجب نقلها وعلى المطلق أن يستأجر لها مسكن مثلها في أقرب المواضع بالمسكن الذي طلقت فيه فإن أجاب المالك إلى بذله بعد نقلها منه نظر في بذله ، فإن كان بعارية لم يجز أن يعاد إليه لجواز أن يرجع في العارية فينقلها ثانية ، وإن كان بإجارة نظر في المسكن الذي انتقلت إليه فإن كان عارية أعيدت إلى المسكن الذي طلقت فيه لجواز أن يرجع المعير فتخرج منه فتكون في عودها إلى منزل الطلاق مع لزوم سكناه أحق من غيره ، وإن كانا جميعا مستأجرين احتمل وجهين : أحدهما : تقر في المنزل الذي انتقلت إليه تغليبا لحكم الاستقرار فيه . والوجه الثاني : تعاد إلى المنزل الذي طلقت فيه تغليبا لحكم الطلاق فيه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية