الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        1366 حدثنا صدقة بن الفضل أخبرنا عبدة عن هشام عن فاطمة عن أسماء رضي الله عنها قالت قال لي النبي صلى الله عليه وسلم لا توكي فيوكى عليك حدثنا عثمان بن أبي شيبة عن عبدة وقال لا تحصي فيحصي الله عليك

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        ثالثها حديث أسماء ، وهي بنت أبي بكر الصديق : لا توكي فيوكى عليك . كذا عنده بفتح الكاف ولم يذكر الفاعل ، وفي رواية له : " لا تحصي فيحصي الله عليك " . فأبرز الفاعل ، وكلاهما بالنصب لكونه جواب النهي وبالفاء .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عبدة ) هو ابن سليمان ، وهشام هو ابن عروة ، وفاطمة هي بنت المنذر بن الزبير ، وهي زوج هشام ، وأسماء جدتهما لأبويهما . وقوله : ( حدثنا عثمان ، عن عبدة ) أي : بإسناده المذكور ، ويحتمل أن يكون الحديث كان عند عبدة ، عن هشام باللفظين ، فحدث به تارة هكذا وتارة هكذا ، وقد رواه النسائي ، والإسماعيلي من طريق أبي معاوية ، عن هشام باللفظين معا ، وسيأتي في الهبة عند المصنف من طريق ابن نمير ، عن هشام باللفظين ، لكن بعين مهملة بدل الكاف ، وهو بمعناه ، يقال : أوعيت المتاع في الوعاء أوعيه ؛ إذا جعلته فيه ، ووعيت الشيء حفظته ، وإسناد الوعي إلى الله مجاز عن الإمساك [1] . والإيكاء شد رأس الوعاء بالوكاء ، وهو الرباط الذي يربط به ، والإحصاء معرفة قدر الشيء وزنا أو عددا ، وهو من باب المقابلة ، والمعنى النهي عن منع الصدقة خشية النفاذ ، فإن ذلك أعظم الأسباب لقطع مادة البركة ، لأن الله يثيب على العطاء بغير حساب ، ومن لا يحاسب عند الجزاء لا يحسب عليه عند العطاء ، ومن علم أن الله يرزقه من حيث لا يحتسب فحقه أن يعطي ولا يحسب . وقيل : المراد بالإحصاء عد الشيء لأن يدخر ولا ينفق منه ، وأحصاه الله : قطع البركة عنه ، أو حبس مادة الرزق أو المحاسبة عليه في الآخرة . وسيأتي ذكر سبب هذا الحديث في كتاب الهبة مع بقية الكلام عليه ، إن شاء الله تعالى . قال ابن رشيد : قد تخفى مناسبة حديث أسماء [ ص: 353 ] لهذه الترجمة ، وليس بخاف على الفطن ما فيه من معنى التحريض والشفاعة معا ، فإنه يصلح أن يقال في كل منهما ، وهذه هي النكتة في ختم الباب به .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية