الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                عن الخامس : أن يد المودع يد المالك ويد المستعير ليست يد المالك ; لأنه لم يشتبه في الحفظ ، فإذا أكثر البعد فقد فوتها أسواقها فيضمن ، وثم يتأكد ما قلناه أن الأصل في الحكم انتفاؤه لانتفاء علته ، وقد زال التعدي فيزول الضمان ، وكالمحرم إذا رد الصيد للحرم ، وكما لو استعمل العبد فيما يعطب في مثله ثم تركه برئ من الضمان ، وكما لو رهن عصيرا فصار خمرا سقطت الرهينة ، أو نقول : عقد الإيداع ، فإذا رجع خلا رجع أو نقول : عقد الإيداع لم يطرأ عليه ما [ ص: 176 ] يضاده فلا يبطل ; لأنه مشتمل على أهلية الأمر وأهلية المأمور وقبول المحل ، والثلاثة باقية ، وإنما نافت الجناية موجب العقد وهو الحفظ ، وموجب العقد قد يتأخر عن العقد كتأخر الملك عن عقد البيع في بيع الخيار ، والوكيل على البيع إذا خالف ثم عاد ، والأجير على الحفظ إذا ضيع ثم عاد ، وخرج على هذا الجحود ; لأنه رفع العقد من أصله ، ولنا في جواز التسلف ما روي أن ابن عمر رضي الله عنهما وعائشة رضي الله عنها وغيرهم كانوا يستسلفون أموال اليتامى الذين في حجورهم ، ولأن مقصود الوديعة أتم مراتب الحفظ ، ولهذا آثر المودع حفظ غيره على حفظ نفسه ، والحفظ في الذمة مع اليسار أبلغ من الحفظ تحت اليد لاستحالة آفات الفساد في الأول على الوديعة دون الثاني ، فهو كما إذا نقلها إلى حرز أحصن .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية