الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
1654 حدثني nindex.php?page=showalam&ids=14430أبو الربيع العتكي nindex.php?page=showalam&ids=12547وأبو كامل الجحدري فضيل بن حسين واللفظ لأبي الربيع قالا حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد وهو ابن زيد حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب عن nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال nindex.php?page=hadith&LINKID=660131كان لسليمان ستون امرأة فقال لأطوفن عليهن الليلة فتحمل كل واحدة منهن فتلد كل واحدة منهن غلاما فارسا يقاتل في سبيل الله فلم تحمل منهن إلا واحدة فولدت نصف إنسان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=treesubj&link=23884_30451_31974_16394_28785لو كان استثنى لولدت كل واحدة منهن غلاما فارسا يقاتل في سبيل الله
ذكر في الباب حديث سليمان بن داود عليه السلام ، وفيه فوائد : منها : أنه يستحب للإنسان إذا قال سأفعل كذا أن يقول : إن شاء الله تعالى لقوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=23ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ولهذا الحديث . ومنها : أنه nindex.php?page=treesubj&link=16398إذا حلف وقال متصلا بيمينه : إن شاء الله تعالى ، لم يحنث بفعله المحلوف عليه ، وأن nindex.php?page=treesubj&link=16394الاستثناء يمنع انعقاد اليمين لقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=3506315لو قال : إن شاء الله لم يحنث ، وكان دركا لحاجته ، nindex.php?page=treesubj&link=16396ويشترط لصحة هذا الاستثناء شرطان : أحدهما : أن يقوله متصلا باليمين ، والثاني : أن يكون نوى قبل فراغ اليمين أن يقول : إن شاء الله تعالى .
قال القاضي : أجمع المسلمون على أن قوله إن شاء الله يمنع انعقاد اليمين بشرط كونه متصلا ، قال : ولو جاز منفصلا - كما روي عن بعض السلف - لم يحنث أحد قط في يمين ، ولم يحتج إلى كفارة ، قال : واختلفوا في الاتصال فقال مالك nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي والجمهور : هو أن يكون قوله إن شاء الله ، متصلا باليمين من غير سكوت بينهما ولا تضر سكتة النفس ، وعن طاوس والحسن وجماعة من التابعين أن له الاستثناء ما لم يقم من مجلسه ، وقال قتادة : ما لم يقم أو يتكلم ، وقال عطاء : قدر حلبة ناقة ، وقال سعيد بن جبير : بعد أربعة أشهر ، وعن ابن عباس : له الاستثناء أبدا متى تذكره ، وتأول بعضهم هذا المنقول عن هؤلاء على أن مرادهم أنه يستحب له قول إن شاء الله تبركا ، قال تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=24واذكر ربك إذا نسيت ولم يريدوا به حل اليمين ومنع الحنث .
أما nindex.php?page=treesubj&link=23956_11783إذا استثنى في الطلاق والعتق وغير ذلك سوى اليمين بالله تعالى ، أو لزيد في ذمتي ألف درهم إن شاء الله ، أو إن شفي مريضي فلله علي صوم شهر إن شاء الله أو ما أشبه ذلك ، فمذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والكوفيين nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور وغيرهم صحة الاستثناء في جميع الأشياء ، كما أجمعوا عليها في اليمين بالله تعالى ، فلا يحنث في طلاق ولا عتق ، ولا ينعقد ظهاره ولا نذره ، ولا إقراره ولا غير ذلك ، مما يتصل به قوله إن شاء الله ، وقال مالك nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي : لا يصح الاستثناء في شيء من ذلك إلا اليمين بالله تعالى .
[ ص: 282 ] وقوله صلى الله عليه وسلم : ( ولو قال : إن شاء الله لم يحنث ) فيه إشارة إلى أن الاستثناء يكون بالقول ، ولا تكفي فيه النية ، وبهذا قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك وأحمد والعلماء كافة إلا ما حكي عن بعض المالكية أن قياس قول مالك صحة الاستثناء بالنية من غير لفظ .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( فقال له صاحبه : قل إن شاء الله ) قد يحتج به من يقول بجواز nindex.php?page=treesubj&link=16398انفصال الاستثناء . وأجاب الجمهور عنه بأنه يحتمل أن يكون صاحبه قال له ذلك وهو بعد في أثناء اليمين ، أو أن الذي جرى منه ليس بيمين ، فإنه ليس في الحديث تصريح بيمين . والله أعلم .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( لأطوفن ) وفي بعض النسخ ( لأطيفن الليلة ) هما لغتان فصيحتان طاف بالشيء وأطاف به : إذا دار حوله ، وتكرر عليه ، فهو طائف ومطيف ، وهو هنا كناية عن الجماع .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( nindex.php?page=treesubj&link=31974كان لسليمان ستون امرأة ) وفي رواية : ( سبعون ) وفي رواية : ( تسعون ) وفي غير صحيح مسلم ( تسع وتسعون ) وفي رواية ( مائة ) . هذا كله ليس بمتعارض لأنه ليس في ذكر القليل نفي الكثير ، وقد سبق بيان هذا مرات ، وهو من nindex.php?page=treesubj&link=20813مفهوم العدد ، ولا يعمل به عند جماهير الأصوليين ، وفي هذا بيان ما خص به الأنبياء صلوات الله تعالى وسلامه عليهم من القوة على إطاقة هذا في ليلة واحدة ، nindex.php?page=treesubj&link=30947وكان نبينا صلى الله عليه وسلم يطوف على إحدى عشرة امرأة له في الساعة الواحدة ، كما ثبت في الصحيح ، وهذا كله من زيادة القوة ، والله أعلم .
قوله : ( فتحمل كل واحدة منهن فتلد كل واحدة منهن غلاما فارسا يقاتل في سبيل الله ) هذا قاله على سبيل التمني للخير ، وقصد به الآخرة والجهاد في سبيل الله تعالى لا لغرض الدنيا .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( فلم تحمل منهن إلا واحدة فولدت نصف إنسان ) وفي رواية : ( جاءت بشق غلام ) قيل هو الجسد الذي ذكره الله تعالى أنه ألقي على كرسيه .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( لو كان استثنى لولدت كل واحدة منهن غلاما فارسا يقاتل في سبيل الله [ ص: 283 ] تعالى ) هذا محمول على أن النبي صلى الله عليه وسلم أوحي إليه بذلك في حق سليمان ، لا أن كل من فعل هذا يحصل له هذا .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( فقال له صاحبه أو الملك قل : إن شاء الله فلم يقل ونسي ) قيل : المراد بصاحبه الملك ، وهو الظاهر من لفظه ، وقيل : القرين ، وقيل : صاحب له آدمي . وقوله : ( نسي ) ضبطه بعض الأئمة بضم النون وتشديد السين وهو ظاهر حسن . والله أعلم .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( وايم الذي نفس محمد بيده لو قال : إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله ) فيه nindex.php?page=treesubj&link=16360جواز اليمين بهذا اللفظ وهو ( ايم الله وايمن الله ) واختلف العلماء في ذلك ، فقال مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة : هو يمين ، وقال أصحابنا : إن نوى به اليمين فهو يمين ، وإلا فلا .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( لو قال إن شاء الله لجاهدوا ) فيه جواز قول ( لو ولولا ) قال القاضي عياض : هذا يستدل به على جواز قول : ( لو ولولا ) قال : وقد جاء في القرآن كثيرا ، وفي كلام الصحابة [ ص: 284 ] والسلف ، وترجم nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري على هذا باب ما يجوز من اللو ، وأدخل فيه قول لوط صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=80لو أن لي بكم قوة وقول النبي صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=3506316لو كنت راجما بغير بينة لرجمت هذه . و nindex.php?page=hadith&LINKID=3506317لو مد لي الشهر لواصلت . و nindex.php?page=hadith&LINKID=3506318لولا حدثان قومك بالكفر لأتممت البيت على قواعد إبراهيم . و nindex.php?page=hadith&LINKID=3506319لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار وأمثال هذا ، قال : والذي يتفهم من ترجمة nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وما ذكره في الباب من القرآن والآثار أنه يجوز استعمال لو ولولا فيما يكون للاستقبال مما امتنع من فعله لامتناع غيره ، وهو من باب الممتنع من فعله لوجود غيره ، وهو من باب لولا ; لأنه لم يدخل في الباب سوى ما هو للاستقبال ، أو ما هو حق صحيح متيقن كحديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=3506320لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار دون الماضي والمنقضي ، أو ما فيه اعتراض على الغيب والقدر السابق ، وقد ثبت في الحديث الآخر في صحيح مسلم قوله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=3506321وإن أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت كذا لكان كذا ولكن قل : قدر الله وما شاء فعل قال القاضي : قال بعض العلماء : هذا إذا قاله على جهة الحتم والقطع بالغيب أنه لو كان كذا لكان كذا ، من غير ذكر مشيئة الله تعالى . والنظر إلى سابق قدره وخفي علمه علينا ، فأما من قاله على التسليم ورد الأمر إلى المشيئة فلا كراهة فيه . قال القاضي : وأشار بعضهم إلى أن ( لولا ) بخلاف ( لو ) قال القاضي : والذي عندي أنهما سواء إذا استعملتا فيما لم يحط به الإنسان علما ، ولا هو داخل تحت مقدور قائلهما مما هو تحكم على الغيب واعتراض على القدر ، كما نبه عليه في الحديث ومثل قول المنافقين : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=168لو أطاعونا ما قتلوا . nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=156لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا . و nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا فرد الله تعالى عليهم باطلهم فقال : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=168فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين فمثل هذا هو المنهي عنه .