الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر المصلي يجهر فيما يخافت فيه، أو يخافت فيما يجهر فيه

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في المصلي يجهر فيما يخافت فيه أو يخافت فيما يجهر فيه، فقالت طائفة: يسجد سجدتي السهو إذا فعل ذلك ساهيا، هكذا قال النخعي، وسفيان الثوري ، وأصحاب الرأي، وقالوا: إن فعل ذلك عامدا فلا شيء عليه.

                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور، وإسحاق بن راهويه : عليه سجدتا السهو، ولم يذكرا سهوا ولا عمدا، وقال الحسن البصري فيمن جهر فيما لا يجهر فيه قال: يسجد سجدتي السهو.

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: ليس على من فعل ذلك سجود السهو، هذا قول الأوزاعي ، والشافعي ، وروي عن الشعبي ، والحكم، وسالم، والقاسم، ومجاهد، وعطاء أنهم قالوا في الرجل يجهر في الظهر أو العصر: ليس عليه سهو. واحتج محتجهم بحديث أبي قتادة .

                                                                                                                                                                              1673 - حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ ، قال: ثنا أبو نعيم ، قال: نا هشام، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عبد الله بن أبي قتادة ، عن أبيه، قال: [ ص: 492 ] كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بنا في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر، ويسمعنا الآية أحيانا.

                                                                                                                                                                              وروي عن الصنابحي، أنه قال: صليت وراء أبي بكر الصديق المغرب، فقام في الركعة الثالثة، فدنوت منه، فسمعته قرأ بأم القرآن، وهذه الآية: ( ربنا لا تزغ قلوبنا ) الآية، وروي عن أبي عثمان أنه قال: سمعت [من عمر] نغمة [في] "ق" في صلاة الظهر.

                                                                                                                                                                              وروينا عن خباب بن الأرت، وأنس بن مالك أنهما جهرا في الظهر والعصر.

                                                                                                                                                                              1674 - أخبرنا الربيع ، قال: أنا الشافعي ، قال: أخبرنا مالك، عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك؛ أن عبادة بن نسي أخبره: أنه سمع قيس بن الحارث يقول: أخبرني أبو عبد الله الصنابحي: أنه صلى وراء أبي بكر الصديق المغرب فقام في الركعة الثالثة، فدنوت منه فسمعته قرأ بأم القرآن وهذه الآية: ( ربنا لا تزغ قلوبنا ) الآية.

                                                                                                                                                                              1675 - حدثنا إسماعيل بن قتيبة ، قال: ثنا أبو بكر، قال: ثنا ابن علية [ ص: 493 ] قال: علي بن زيد بن جدعان ، عن أبي عثمان؛ قال: سمعت من عمر نغمة من "ق" في صلاة الظهر.

                                                                                                                                                                              1676 - حدثنا إسماعيل، قال: نا أبو بكر، قال: نا جرير بن عبد الحميد ، عن منصور، عن يحيى بن عباد، قال: كان خباب بن الأرت يجهر بالقراءة في الظهر والعصر.

                                                                                                                                                                              1677 - حدثنا إسماعيل، قال: نا أبو بكر، قال: نا وكيع ، عن سعيد بن بشير، عن قتادة : أن أنسا جهر في الظهر والعصر فلم يسجد.

                                                                                                                                                                              1678 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال: نا حجاج بن منهال، قال: نا حماد، عن داود، عن الشعبي : أن سعيد بن العاص جهر في صلاة الظهر أو العصر فمضى في جهره فلما قضى صلاته قال: إني كرهت أن أخفي القرآن بعدما جهرت به. ولم يذكر سجدتي السهو.

                                                                                                                                                                              واختلف في هذه المسألة عن مالك، فحكى ابن القاسم عنه أنه سئل عمن جهر في صلاة الظهر بالقراءة؟ قال: إن تطاول ذلك يسجد لسهوه، وإن كان يسيرا فلا أرى فيه شيئا.

                                                                                                                                                                              وحكى الهديري عن مالك في الذي يجهر في صلاته التي يسر فيها، قال: يسجد سجدتي السهو بعد السلام، وإن أسر فيما يجهر فيه سجد قبل السلام. [ ص: 494 ]

                                                                                                                                                                              واختلف عن أحمد فيها، فحكى إسحاق بن منصور عنه قال: إن سجد فلا بأس، وإن لم يسجد فليس عليه. وحكى عنه حمدان بن علي أنه قال في الرجل يجهر فيما يخافت فيه، (قال) : إن لم يسجد أرجو أن لا يضره، يروى عن أنس (أنه لم يسجد) ، ويروى عن إبراهيم أنه قال: يسجد.

                                                                                                                                                                              وحكى أبو داود عنه أنه قال فيمن خافت فيما يجهر فيه: يسجد، فإن جهر فيما يخافت فيه قال: يسكت ويمضي من حيث [انتهى]. وحكى الشالنجي عنه أنه قال: في الإمام يسمع من يليه الآية ونحو ذلك: لا يرى عليه سهو في ذلك، وبه قال أبو أيوب ، وأبو خيثمة.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية