الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر خطأ الحاكم المجتهد وإثبات الأجر له في طلبه الصواب وإن أخطأ

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : قد ذكرنا فيما مضى خبر عمرو بن العاص وأبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر". واستدللنا بخبر بريدة على أن الذي له الأجر إذا اجتهد فأخطأ من يعلم دون من ليس له اجتهاد لجهله بالأصول، ألا تراه يقول: "وقاض قضى وهو لا يعلم" والذين لا يعلمون هم أهل الجهل. وقيل: إن معنى قوله: "وإذا حكم فاجتهد له أجر": أنه إنما يؤجر [ ص: 543 ] على اجتهاد في طلب الصواب لا على الخطأ، ومما يؤيد هذا قوله - جل ذكره - : ( وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان ) . قال الحسن : أثنى على سليمان ولم يذم داود صلوات الله عليهما .

                                                                                                                                                                              6503 - حدثنا موسى ، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال: حدثنا عفان ، قال: حدثنا حماد بن سلمة ، قال: حدثني علي بن زيد ، قال: حدثنا خليفة، عن ابن عباس ، إن داود النبي صلى الله عليه وسلم قضى لأهل الحرث بالغنم فخرجوا وخرجت الرعاء معهم الكلاب، فقال سليمان : كيف قضى بينكم؟ فأخبروه. فقال: لو وليت أمرهم لقضيت بينهم بغير هذا. فقيل لداود: إن سليمان يقول كذا. فدعاه فقال: كيف تقضي؟ فقال: أدفع الغنم إلى أصحاب الحرث هذا العام فيكون لهم أولادها وألبانها ومنافعها لهم العام، ويبذر هؤلاء مثل [حرثهم] فإذا بلغ الحرث الذي كان عليه أخذ هؤلاء الحرث، ودفع هؤلاء إلى هؤلاء الغنم. قال: فعطف عليه .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وقد ذكرنا سائر الأخبار في هذا الباب في كتاب "التفسير"، وفي المختصر الذي اختصرت منه هذا الكتاب، وقد كان الشافعي والزهري وقتادة يقولون: إن النفش بالليل، والعمل بالنهار. وقال أبو عبيدة : النفش أن يدخل في زرع ليلا فيأكله . [ ص: 544 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية