الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
953 - حدثنا علي بن عبد الله ، قال : حدثنا المغيرة بن سلمة ، أبو هشام المخزومي ، وكان ثقة، قال : حدثنا الصعق بن حزن ، قال : حدثني القاسم بن مطيب ، عن الحسن ، عن قيس بن عاصم السعدي ، قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : هذا سيد أهل الوبر .

فقلت : يا رسول الله ، ما المال الذي ليس علي فيه تبعة من طالب ، ولا [ ص: 523 ] من ضيف ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعم المال أربعون ، والكثرة ستون ، وويل لأصحاب المئين ، إلا من أعطى الكريمة ، ومنح الغزيرة ، ونحر السمينة ، فأكل وأطعم القانع والمعتر " .

قلت : يا رسول الله ، ما أكرم هذه الأخلاق ، لا يحل بواد أنا فيه من كثرة نعمي . فقال : يعني .

كيف تصنع بالعطية ؟ قلت : أعطي البكر ، وأعطي الناب ، قال : كيف تصنع في المنيحة ؟ قال : إني لأمنح الناقة ، قال : كيف تصنع في الطروقة ؟ قال : يغدو الناس بحبالهم ، ولا يوزع رجل من جمل يختطمه ، فيمسكه ما بدا له ، حتى يكون هو يرده ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فمالك أحب إليك أم مال مواليك ؟ قال : [ ص: 524 ] فإنما لك من مالك ما أكلت فأفنيت ، أو أعطيت فأمضيت ، وسائره لمواليك .

فقلت : لا جرم ، لئن رجعت لأقلن عددها ، فلما حضره الموت جمع بنيه ، فقال : يا بني! خذوا عني ، فإنكم لن تأخذوا عن أحد هو أنصح لكم مني ، لا تنوحوا علي ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينح عليه ، وقد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن النياحة ، وكفنوني في ثيابي التي كنت أصلي فيها ، وسودوا أكابركم ، فإنكم إذا سودتم أكابركم لم يزل لأبيكم فيكم خليفة ، وإذا سودتم أصاغركم هان أكابركم على الناس ، وزهدوا فيكم . وأصلحوا عيشكم ، فإن فيه غنى عن طلب الناس ، وإياكم والمسألة ، فإنها آخر كسب المرء .

وإذا دفنتموني فسووا علي قبري ، فإنه كان يكون شيء بيني وبين هذا الحي من بكر بن وائل : خماشات ، فلا آمن سفيها أن يأتي أمرا يدخل عليكم عيبا في دينكم .
قال علي : فذاكرت أبا النعمان محمد بن الفضل .

فقال : أتيت الصعق بن حزن في هذا الحديث ، فحدثنا عن الحسن .

[ ص: 525 ] فقيل له : عن الحسن ؟ قال : لا ، يونس بن عبيد ، عن الحسن ، قيل له : سمعته من يونس ؟ قال : لا ، حدثني القاسم بن مطيب ، عن يونس بن عبيد ، عن الحسن ، عن قيس .

فقلت لأبي النعمان : فلم تحمله ؟ قال : لا ، ضيعناه . [ ص: 526 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية