الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
685 - أنبأ عبد الله بن جعفر البغدادي ، بمصر ، ثنا يحيى بن أيوب المصري ، ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، حدثني الليث بن سعد ، عن عقيل بن خالد ، عن ابن شهاب الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة ، رضي الله عنها أنها قالت : أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم ، كان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبب إليه الخلاء ، فكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه وهو التعبد الليالي والأيام ذوات العدد قبل أن يرجع إلى أهله ويتزود لذلك ، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى فجأه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك ، فقال : اقرأ ، فقال : " ما أنا بقارئ " ، قال : " فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني ، فقال : اقرأ ، فقلت : ما أنا بقارئ ، قال : فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ ، فقلت ما أنا بقارئ ، قال : فأخذني فغطني الثالثة حتى [ ص: 694 ] بلغ مني الجهد ثم أرسلني ، فقال : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم ) ، فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده ، فدخل على خديجة بنت خويلد ، فقال : " زملوني زملوني " ، فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، فقال لخديجة وأخبرها الخبر : " لقد خشيت على نفسي " ، فقالت خديجة : كلا والله ، لا يخزيك الله أبدا ، والله إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق ، فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة ، وكان امرءا تنصر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العبراني ، ويكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب ، وكان شيخا كبيرا قد عمي ، فقالت له خديجة : يا ابن عم اسمع من ابن أخيك ، فقال ورقة : يا ابن أخي ماذا ترى ؟ ، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بخبر ما رأى ، فقال له ورقة بن نوفل : هذا الناموس الذي أنزل الله على موسى عليه السلام ، يا ليتني فيها جذعا ، ليتني أكون حيا حين يخرجك قومك ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أو مخرجي هم ؟ " ، فقال ورقة : نعم ، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي ، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا ، ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي حتى خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني مرارا يريد أن يتردى من رؤوس شواهق جبال الحرم ، كلما أوفى ذروة جبل ليلقي نفسه تبدى له جبريل عليه السلام ، فقال : يا محمد إنك رسول الله حقا ، فيسكن لذلك جأشه ، وتقر نفسه فيرجع ، فإذا طالت عليه فترة الوحي عاد لمثل ذلك ، كلما أوفى ذروة جبل تبدى له جبريل عليه السلام فقال له مثل ذلك ا ه . [ ص: 695 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية