الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
713 - أنبأ خيثمة بن سليمان ، ثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل ، ثنا عبد العزيز الأويسي ، أنبأ سليمان بن بلال ، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر ، عن أنس بن مالك الأنصاري ، (ح) وأنبأ علي بن محمد بن نصر ، وأحمد بن إسحاق بن أيوب ، ثنا الحسن بن زياد الرازي ، ثنا إسماعيل بن أبي أويس ، قال : حدثني أخي عبد الحميد بن عبد الله بن [ ص: 718 ] عبد الله أبو بكر ، عن سليمان بن بلال ، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر ، قال : سمعت أنس بن مالك ، يحدث عن ليلة أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة أنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم في المسجد الحرام فقال أولهم : أيهم هو ؟ ، قال أوسطهم هو خيرهم ، فقال : خذوا خيرهم ، فكان تلك الليلة فلم يرهم حتى جاؤوا ليلة أخرى ، والنبي صلى الله عليه وسلم نائمة عيناه ولا ينام قلبه ، وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم ، فلم يكلموه حتى احتملوه فوضعوه عند زمزم ، فتولى جبريل عليه السلام فشق جبريل ما بين نحره إلى لبته ، ثم فرج صدره وجوفه فغسله بماء زمزم حتى أنقى جوفه ، ثم أتى بطست من ذهب فيه نور من ذهب ، محشوا إيمانا وحكمة فحشي به صدره وجوفه وأصل أذنه ثم أطبقه ، ثم عرج به إلى السماء الدنيا فضرب بابا من أبوابها فناداه أهل السماء : من هذا ؟ ، قال جبريل ، قال : ومن معك ؟ ، قال : محمد ، قالوا : وقد بعث إليه ؟ ، قال : نعم ، قال : فمرحبا وأهلا ، يستبشر به أهل السماء ، ما يعلم أهل السماء ما يريد الله في الأرض حتى يعلمهم فوجد في السماء الدنيا آدم ، فقال جبريل : هذا أبوك آدم فسلم عليه فرد عليه السلام ، فقال : مرحبا بك وأهلا يا بني ، فنعم الابن أنت ، فإذا في السماء الدنيا نهران يطردان ، فقال : " ما هذان النهران يا جبريل ؟ " ، قال : هذا النيل والفرات ، ثم مضى به في السماء ، فإذا هو بنهر آخر عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد فذهب يشم ترابه ، فإذا هو مسك ، قال : " يا جبريل ما هذا النهر ؟ " ، قال : هو الكوثر الذي خبأ لك ربك ، ثم عرج به إلى السماء الثانية ، فقيل له ما قيل في الأولى ، ثم عرج به إلى السماء الثالثة ، فقيل له ما قيل في الأولى والثانية ، ثم عرج به إلى السماء الرابعة ، فقالوا له مثل ذلك ، ثم عرج به إلى السماء الخامسة ، فقالوا له مثل ذلك ، ثم عرج به إلى السماء السادسة ، ثم السابعة ، فقالوا له مثل ذلك ، وفي كل سماء أنبياء قد سماهم أنس بن مالك ، فوعيت منهم : إدريس في الثانية ، وهارون في الرابعة ، وآخر في الخامسة لم أحفظ اسمه ، وإبراهيم في السادسة ، وموسى في السابعة بفضل كلامه [ ص: 719 ] ، فقال موسى : لم أظن أنه يرفع علي أحد ، ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله حتى جاء سدرة المنتهى ودنا الجبار عز وجل رب العزة فتدلى حتى كان قاب قوسين أو أدنى ، فأوحى إليه ما شاء الله ، ففيما أوحى إليه خمسين صلاة على أمته كل يوم وليلة ثم هبط حتى بلغ موسى عليه السلام فاحتبسه ، فقال : يا محمد ماذا عهد إليك ربك ؟ ، قال : عهد إلي خمسين صلاة على أمتي كل يوم وليلة " ، فقال موسى : إن أمتك لا تستطيع فارجع فليخفف عنك وعنهم ، فالتفت إلى جبريل كأنه يستشيره فأشار إليه نعم إن شئت ، فعلا به حتى أتى الجبار وهو مكانه ، فقال : " يا رب خفف عنا فإن أمتي لا تستطيع هذا " ، فوضع عنه عشر صلوات ، ثم رجع إلى موسى ، فلم يزل يردده حتى صارت إلى خمس ، ثم احتبسه عند الخمس ، فقال موسى : قد والله راودت بني إسرائيل على أدنى من هذا الخمس فضيعوه وتركوه ، فأمتك أضعف أجسادا وقلوبا وآثارا وأسماعا وأبصارا ، فارجع فليخفف عنك ربك ، كل ذلك يلتفت إلى جبريل ليشير عليه فلا يكره ذلك جبريل عليه السلام فرفعه عند الخامسة ، فقال : " يا رب إن أمتي ضعاف أجسادهم وأسماعهم وأبصارهم وآثارهم فخفف عنا " ، فقال الجبار عز وجل إن كان قاله فهو الحق : قال : يا محمد ، قال : " لبيك وسعديك " ، قال : لا يبدل القول لدي ، هي كما كتبت عليك في أم الكتاب بكل حسنة عشر أمثالها فهي خمسون في أم الكتاب وهي عليك خمس ، قال : فرجع إلى موسى ، فقال : كيف فعلت ؟ ، فأخبره فقال له نحو ما قال له ، قال : " قد والله استحييت من ربي عز وجل " ، قال : فاهبط باسم الله ، قال : فاستيقظ وهو في المسجد الحرام " . ا هـ . رواه عبد العزيز الأويسي ، وغيره ، عن سليمان ا ه . ورواه عبد العزيز الدراوردي ، وسعيد بن سلمة بن أبي الحسام ، عن شريك ا ه . [ ص: 720 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية