الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
805 - أنبأ عبد الله بن إبراهيم المقرئ ، ثنا أبو مسعود أحمد بن الفرات ، أنبأ عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، في قوله عز وجل : ( يوم ندعوا كل أناس بإمامهم ) . عن عطاء بن يزيد الليثي ، عن أبي هريرة ، قال : قال الناس : " يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ ، فقال : " هل تضارون في الشمس ليس دونها حجاب ؟ " ، قالوا : لا ، قال : " فهل تضارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب ؟ " ، قالوا : لا ، قال : " فإنكم ترونه كذلك ، يجمع الله عز وجل الخلائق ، فيقول : من كان يعبد شيئا فليتبعه ، فيتبع من يعبد الشمس الشمس ، ومن كان يعبد القمر القمر ، ومن كان يعبد الطواغيت الطواغيت ، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها ، فيأتيهم الله عز وجل في غير الصورة التي يعرفون ، فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : نعوذ بالله منك ، هذا مكاننا حتى يأتينا [ ص: 788 ] ربنا عز وجل ، فيأتيهم عز وجل في الصورة التي يعرفون فيقول : أنا ربكم ، فيتبعونه ، ويضرب على جهنم جسرا ، فأكون أول من يجيز ، ودعاء الرسل يومئذ : اللهم سلم سلم ، وبها كلاليب مثل شوك السعدان هل رأيتم السعدان ؟ قالوا : نعم ، فقال : فإنه مثل شوك السعدان غير أنه لا يدري قدر عظمها إلا الله عز وجل ، فتخطف الناس بأعمالهم ، فمنهم الموثق بعمله ومنهم المخردل ثم ينجو ، فإذا فرغ الله عز وجل من القضاء بين العباد وأراد أن يخرج من النار من يخرج منها ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله ، فيأمر الملائكة فيخرجونهم فيعرفونهم بعلامة السجود يحرم الله عز وجل على النار آثار السجود أن تأكله من بني آدم فيخرجون قد امتحشوا وصاروا حمما فيصب عليهم من ماء الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل ، ويبقى رجل وجهه إلى النار فيقول : قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها فاصرف وجهي عن النار ، فيقول : لعلي إن أعطيتك أن تسألني غيره ، فيقول : لا ، وعزتك لا أسألك غيره ، فيصرف وجهه ، ثم يقول بعد ذلك : رب قربني إلى باب الجنة ، فيقول : ألست قد زعمت أنك لا تسألني غيره ، ويلك يا ابن آدم ما أغدرك ، فما يزال يدعو حتى يقول : فلعلي إن أعطيتك أن تسألني غيره ، فيقول : لا ، وعزتك لا أسألك غيره ، ويعطي الله عز وجل من عهود ومواثيق ، فيقرب إلى باب الجنة حتى إذا دنا منها ورأى ما فيها من الخير والسرور يقول : يا رب أدخلني الجنة ، فيقول : أو ليس قد زعمت أنك لا تسألني غيره ، أو قال : فيقول : أو ليس قد أعطيت من عهودك ومواثيقك ، أو قال : من عهود ومواثيق ، قال : يا رب لا تجعلني أشقى خلقك ، فما يزال يدعو حتى يضحك عز وجل ، فإذا ضحك جل جلاله أذن له فيها بالدخول ، فإذا دخل قيل له : تمن من كذا ، فيتمنى ، ويقال : تمن من كذا ، فيتمنى حتى تنقطع به الأماني ، فيقال : هذا لك ومثله معه . قال : وأبو سعيد جالس عند أبي هريرة لا يغير عليه شيئا من حديثه حتى بلغ ها هنا فقال أبو سعيد : " وعشرة أمثاله معه " ، قال أبو هريرة : فهذا آخر رجل يدخل الجنة " . ا هـ .

التالي السابق


الخدمات العلمية