الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
807 - أنبأ محمد بن يعقوب بن يوسف ، ثنا محمد بن إسحاق أبو بكر الصاغاني ، (ح) وأنبأ أحمد بن سليمان بن أيوب بن حذلم ، ثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو بن صفوان ، قالا : ثنا أبو اليمان الحكم بن نافع ، ثنا شعيب بن أبي حمزة ، عن الزهري ، قال : أخبرني سعيد بن المسيب ، وعطاء بن يزيد الليثي ، أن أبا هريرة ، أخبرهما أن الناس قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ ، فقال : " هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه حجاب ؟ " ، قالوا : لا يا رسول الله ، قال : " فهل تمارون في الشمس ليس دونها حجاب ؟ " ، قالوا : لا يا رسول الله ، قال : " فإنكم ترونه كذلك ، يحشر الله الناس يوم القيامة ، فيقال : من كان يعبد شيئا فليتبعه ، فمنهم من يتبع الشمس ، ومنهم من يتبع القمر ، ومنهم من يتبع الطواغيت ، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها ، قال : فيأتيهم الله عز وجل في غير صورته التي يعرفون ، فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : نعوذ بالله منك ، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا عز وجل ، فإذا جاء ربنا عز وجل [ ص: 790 ] عرفناه ، فيأتيهم الله عز وجل في صورته التي يعرفون ، فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : أنت ربنا ، ويدعوهم ، ويضرب الصراط بين ظهري جهنم فأكون أول من يجيز بأمتي من الرسل ، ولا يتكلم يومئذ أحد إلا الرسل ، ودعوى الرسل يومئذ : اللهم سلم سلم ، وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان ، هل رأيتم شوك السعدان ؟ " ، قالوا : نعم يا رسول الله ، قال : " فإنها مثل شوك السعدان غير أنه لا يعلم قدر عظمها إلا الله عز وجل ، تخطف الناس بأعمالهم ، فمنهم من يوثق بعمله ، ومنهم من يخردل ثم ينجو ، حتى إذا أراد الله رحمة من أراد من أهل النار أمر الملائكة أن أخرجوا من كان يعبد الله ، فيخرجونهم ويعرفونهم بأثر السجود ، وحرم الله على النار أن تأكل أثر السجود ، فيخرجون من النار قد امتحشوا ، فيصب عليهم ماء الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل ، ثم يفرغ الله من القضاء بين العباد ، ويبقى رجل بين الجنة والنار هو آخر أهل الجنة دخولا الجنة مقبل بوجهه على النار يقول : يا رب اصرف وجهي عن النار ، فإنه قد قشبني ريحها ، وأحرقني ذكاؤها ، فيقول الله عز وجل : فهل عسيت إن فعلت ذلك بك أن تسأل غير ذلك ؟ ، فيقول : لا وعزتك ، فيعطي ربه ما شاء من عهد وميثاق فيصرف الله وجهه عن النار ، فإذا أقبل بوجهه على الجنة فرأى بهجتها فيسكت ما شاء الله أن يسكت ، ثم قال : يا رب قدمني عند باب الجنة ، فيقول الله عز وجل له : ألست قد أعطيت العهود والمواثيق ألا تسأل غير الذي كنت سألت ؟ ، فيقول : يا رب لا أكون أشقى خلقك ، فيقول : فهل عسيت إن أعطيت ذلك أن تسأل غيره ، فيقول : لا وعزتك لا أسألك غير ذلك ، فيعطي ربه عز وجل ما شاء من عهد وميثاق فيقدمه إلى باب الجنة ، فإذا بلغ بابها انفهقت له فرأى زهرتها وما فيها من النضرة والسرور ، فيسكت ما شاء الله أن يسكت ، ثم يقول : يا رب ، أدخلني الجنة ، فيقول الله عز وجل : يا ابن آدم ما أغدرك ، أليس قد أعطيت العهود والمواثيق أن لا تسأل غير الذي أعطيت ؟ ، فيقول : يا رب لا تجعلني أشقى خلقك ، فيضحك الله عز وجل منه ، ثم يأذن له في دخول الجنة ، فيقول له : تمن ، فيتمنى حتى إذا انقطع به قال الله عز وجل : من كذا وكذا فسل ، يذكره ربه عز وجل ، حتى إذا انتهت به الأماني ، قال الله عز وجل : لك ذلك ومثله معه " . قال أبو سعيد الخدري ، لأبي هريرة : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال : " لك ذلك وعشرة أمثاله " . قال أبو هريرة : لم أحفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قوله : " لك ذلك [ ص: 791 ] ومثله معه " . قال أبو سعيد : أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ذلك وعشرة أمثاله " . ا ه .

التالي السابق


الخدمات العلمية