الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
882 - أخبرنا محمد بن إبراهيم بن الفضل ، وأحمد بن إسحاق بن أيوب ، ومحمد بن يعقوب ، قالوا : ثنا أحمد بن سلمة ، ثنا إسحاق بن إبراهيم ، أنبأ جرير بن عبد الحميد ، عن عمارة بن القعقاع ، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير ، عن أبي هريرة ، قال : وضعت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قصعة من ثريد فتناول الذراع ، وكان أحب الشاة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنهس نهسة ، فقال : " أنا سيد ولد آدم يوم القيامة " ، ثم نهس أخرى ، فقال : " أنا سيد ولد آدم يوم القيامة " ، فلما رأى أن أصحابه لا يسألونه ، قال : " ألا تقولون كيف ؟ " ، قالوا : يا رسول الله كيف ؟ ، قال : " يقوم الناس لرب العالمين يسمعهم الداعي وينفذهم البصر [ ص: 852 ] ، وتدنو الشمس من رؤوسهم فيشتد عليهم حرها ويشق عليهم دنوها منهم ، قال : فينطلقون من الضجر ، والجزع مما هم فيه فيأتون آدم ، فيقولون : أنت آدم أبو البشر ، خلقك الله بيده ، وأمر الملائكة فسجدوا لك ، اشفع لنا إلى ربنا ، ألا ترى ما نحن فيه من الشر ؟ ، فيقول آدم : إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله ، وكان أمرني أمرا فعصيته وأطعت الشيطان ، نهاني عن الشجرة فعصيته وأخاف أن يطرحني في النار ، انطلقوا إلى غيري ، نفسي نفسي ، قال : فينطلقون فيأتون إلى نوح عليه السلام ، فيقولون : يا نوح أنت نبي الله وأول رسل الله ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه من الشر ؟ ، فيقول نوح : إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله ، وإنه كانت لي دعوة فدعوت بها على قومي فأهلكوا ، وإني أخاف أن يطرحني في النار ، انطلقوا إلى غيري ، نفسي نفسي ، قال : فينطلقون فيأتون إبراهيم عليه السلام ، فيقولون : يا إبراهيم أنت خليل الله ، قد سمع بخلتك أهل السماء وأهل الأرض ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه من الشر ، فيقول إبراهيم : إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله ، وذكر الكوكب قوله : إنه ربي ، وقوله لآلهتهم : هذا كبيرهم ، وقوله : إني سقيم ، وأخاف أن يطرحني في النار ، انطلقوا إلى غيري ، نفسي نفسي . فينطلقون حتى يأتون موسى ، فيقولون : يا موسى أنت نبي الله ، اصطفاك الله برسالاته وكلمك تكليما ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه من الشر ؟ ، فقال موسى : إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله ، وإني قتلت نفسا لم أومر بها ، فأخاف أن يطرحني في النار ، انطلقوا إلى غيري ، نفسي نفسي ، فينطلقون حتى يأتوا عيسى ، فيقولون : يا عيسى أنت نبي الله ، أنت كلمة الله وروحه ألقاها إلى مريم وروح منه ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه من الشر ؟ ، فيقول عيسى : إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله " ، قال عمارة : ولا أعلمه ذكر ذنبا ، وقال : " إني أخاف أن يطرحني في النار ، انطلقوا إلى غيري ، نفسي نفسي . فينطلقون ، فيأتوني فيقولون : يا محمد أنت رسول الله وخاتم النبيين ، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، اشفع لنا إلى ربك ، فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجدا لربي ، فيقيمني رب العالمين مقاما لم يقمه [ ص: 853 ] أحدا قبلي ، فيقول : يا محمد اشفع تشفع ، سل تعطه ، فأقول : يا رب أمتي أمتي ، فيقول الله له : أدخل الجنة من لا حساب عليه من أمتك من الباب الأيمن وهم شركاء الناس في الأبواب الأخر ، والذي نفس محمد بيده ، إن ما بين الباب إلى الباب كما بين مكة وهجر " ، أو : " مكة ، وبصرى " ، لا أدري أيهما قال . ا هـ وأنبأ حمزة بن محمد ، ثنا أحمد ، ثنا أبو خيثمة ، ثنا جرير بطوله . ا هـ / 50

التالي السابق


الخدمات العلمية