الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1064 - أخبرنا أحمد بن محمد بن زياد ، ثنا سعدان بن نصر ، ثنا أبو معاوية محمد بن خازم (ح) قال : ثنا الحسن بن علي بن عفان ، ثنا عبد الله بن نمير ، قالا : ثنا الأعمش ، عن المنهال بن عمر ، عن زاذان ، عن البراء بن عازب ، قال : [ ص: 963 ] خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولما يلحد ، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله كأن على رؤوسنا الطير ، وفي يده عود ينكت به الأرض ، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " استعيذوا بالله من عذاب القبر " . مرتين أو ثلاثا ، ثم قال : " إن العبد إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس ، معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة ويجلسون منه مد البصر ، ثم يجيء ملك حتى يجلس عند رأسه ، فيقول : أيتها النفس الطيبة اخرجي إلى مغفرة الله ورضوان ، قال : فتخرج وتسيل كما تسيل القطرة من السقاء ، فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض . قال : فيصعدون بها فلا يمرون بملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هذا الروح الطيب ؟ ، فيقولون : فلان بن فلان ، بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا ، حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا ، فيستفتحون له ، فيفتح له فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها ، حتى ينتهي بها إلى السماء السابعة . فيقول الله عز وجل : اكتبوا كتاب عبدي في عليين وأعيدوه إلى الأرض ، فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى . قال : فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ ، فيقول : ربي الله ، فيقولان له : ما دينك ؟ ، فيقول : ديني الإسلام ، فيقولان له : ما هذا الذي بعث فيكم ؟ ، فيقول : هو رسول الله ، فيقولان له : وما علمك ؟ ، فيقول : قرأت كتاب الله وآمنت به وصدقت . فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي ، فأفرشوه من الجنة ، وألبسوه من الجنة ، وافتحوا له بابا إلى الجنة . قال : فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره ، ويأتيه رجل حسن الثياب طيب الريح فيقول له : أبشر بالذي يسرك ، هذا يومك الذي كنت توعد . فيقول له : [ ص: 964 ] فمن أنت ؟ فوجهك الوجه الذي يجيء بالخير . فيقول : أنا عملك الصالح . فيقول : يا رب أقم الساعة أقم الساعة ، حتى أرجع إلى أهلي ومالي . قال : وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال إلى الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح فيجلسون منه مد البصر ، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول : أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط الله وغضبه . قال : فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول ، فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلونها في تلك المسوح ، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على ظهر الأرض . فيصعدون بها ولا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هذه الروح الخبيثة ؟ ، فيقول : فلان بن فلان ، بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا ، حتى ينتهي بها إلى السماء الدنيا ، فيستفتح له فلا يفتح له " ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ) ، فيقول : اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى ، فتطرح روحه طرحا ، ثم قرأ : ( ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق ) ، فتعاد روحه في جسده ، ويأتيه ملكان فيجلسانه ، فيقال له : من ربك ؟ ، فيقول : هاه هاه ، لا أدري ، فيقولان له : ما دينك ؟ ، فيقول : هاه هاه ، لا أدري ، فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ ، فيقول : هاه هاه ، لا أدري ، فينادي مناد من السماء أن كذب ، فأفرشوه من النار ، وألبسوه من النار ، وافتحوا له بابا إلى النار ، فيأتيه من حرها ، وسمومها ، ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ، ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح ، فيقول : أبشر بالذي يسوءك ، هذا يومك الذي كنت توعد ، فيقول : من أنت ؟ ، فوجهك الوجه [ ص: 965 ] يجيء بالشر ، فيقول : أنا عملك الخبيث . فيقول : رب لا تقم الساعة " . ا ه .

هذا إسناد متصل مشهور . رواه جماعة ، عن البراء ، وكذلك رواه عدة ، عن الأعمش ، وعن المنهال بن عمرو ، والمنهال أخرج عنه البخاري ما تفرد به ، وزاذان أخرج عنه مسلم ، وهو ثابت على رسم الجماعة . وروي هذا الحديث عن جابر ، وأبي هريرة ، وأبي سعيد ، وأنس بن مالك ، وعائشة رضي الله عنهم . ا هـ / 50

التالي السابق


الخدمات العلمية