الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  استمرار رسالة المسجد يرى بعض الناس اليوم أن المؤسسات التثقيفية والتعليمية - من مدارس، ومعاهد، وجامعات وما إليها - في عصر الدولة الحديثة قلصت دور المسجد - إن لم نقل ألغته كمؤسسة للتعليم والثقافة - واضطلعت بما كان يقوم به في السابق؛ بحيث لم تبق للمسجد الآن رسالة سوى رسالة العبادة فقط؟

                  لعلي لا أوافق هـؤلاء فيما يرونه، وأعتقد أن المسجد لا تزال له رسالته، وله دوره، وأقول ذلك خلال مشاهداتي لأثر المسجد في تعليم وثقافة المجتمع المسلم، ومن تجربتي الخاصة؛ فلدي دروس في التفسير والحديث تحضرها معظم طبقات الشعب، تجد الوزير والطالب والتاجر وغيرهم، وهي مناسبات، أولا: لبيان المفاهيم الإسلامية في عصرنا الحاضر، وثانيا: لإثارة المشاكل التي هـي في داخل المؤمن ولا يشعر بها، فإذا لم يجد بجانبه العالم الذي يوضح له المفهوم الإسلامي فإما أن تبقى في نفسه غامضة قلقة، وإما أن يضيع ويتيه، وإما أن يأخذها على غير وجهها، فأعتقد أن العلماء يجب ألا يتخلفوا عن المسجد، وأن مكان المسجد في الإشعاع والتأصيل هـو في المرتبة الأولى، ولا يمكن أن يكون المعهد العلمي المتخصص بديلا عنه؛ فلكل واحد رسالة؛ المعهد رسالته تكوين ناس متخرجين بشهادات يستطيعون الدخول إلى معترك الحياة، وأما المسجد فتبقى رسالته التي تنفذ إلى القلوب والعقول معا، وتجعل الإيمان حيا متحركا.

                  يكاد يرى الإنسان أن الثقافة الإسلامية - كنظرية في التربية والسلوك والتحصين المطلوب لمواجهة الغزو الثقافي - موطنها المسجد أكثر من المعاهد العلمية. [ ص: 128 ] هـما يتكاملان، هـناك - في المعاهد - شباب فقط، وهنا - في المسجد - مسلمون عامة من المستويات كلها، وما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد يقصر هـدايته أو إرشاده أو تأديبه على الشباب فقط؛ كان يجلس حوله أبو بكر ومعه من يدخل الإسلام حديثا، كل ينهل من نبع النبوة، ومن هـنا أقول: إن رسالة المسجد يجب أن تستمر، وأن يضطلع العلماء بدروس المساجد التي لا تخضع لحكم أو سلطة؛ وإنما تعطى احتسابا لله وحده.

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية