الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            [ ص: 521 ] باب ما لا يجوز من الشرط في القراض

                                                                                            قال يحيى قال مالك لا ينبغي لصاحب المال أن يشترط لنفسه شيئا من الربح خالصا دون العامل ولا ينبغي للعامل أن يشترط لنفسه شيئا من الربح خالصا دون صاحبه ولا يكون مع القراض بيع ولا كراء ولا عمل ولا سلف ولا مرفق يشترطه أحدهما لنفسه دون صاحبه إلا أن يعين أحدهما صاحبه على غير شرط على وجه المعروف إذا صح ذلك منهما ولا ينبغي للمتقارضين أن يشترط أحدهما على صاحبه زيادة من ذهب ولا فضة ولا طعام ولا شيء من الأشياء يزداده أحدهما على صاحبه قال فإن دخل القراض شيء من ذلك صار إجارة ولا تصلح الإجارة إلا بشيء ثابت معلوم ولا ينبغي للذي أخذ المال أن يشترط مع أخذه المال أن يكافئ ولا يولي من سلعته أحدا ولا يتولى منها شيئا لنفسه فإذا وفر المال وحصل عزل رأس المال ثم اقتسما الربح على شرطهما فإن لم يكن للمال ربح أو دخلته وضيعة لم يلحق العامل من ذلك شيء لا مما أنفق على نفسه ولا من الوضيعة وذلك على رب المال في ماله والقراض جائز على ما تراضى عليه رب المال والعامل من نصف الربح أو ثلثه أو ربعه أو أقل من ذلك أو أكثر قال مالك لا يجوز للذي يأخذ المال قراضا أن يشترط أن يعمل فيه سنين لا ينزع منه قال ولا يصلح لصاحب المال أن يشترط أنك لا ترده إلي سنين لأجل يسميانه لأن القراض لا يكون إلى أجل ولكن يدفع رب المال ماله إلى الذي يعمل له فيه فإن بدا لأحدهما أن يترك ذلك والمال ناض لم يشتر به شيئا [ ص: 522 ] تركه وأخذ صاحب المال ماله وإن بدا لرب المال أن يقبضه بعد أن يشتري به سلعة فليس ذلك له حتى يباع المتاع ويصير عينا فإن بدا للعامل أن يرده وهو عرض لم يكن ذلك له حتى يبيعه فيرده عينا كما أخذه قال مالك ولا يصلح لمن دفع إلى رجل مالا قراضا أن يشترط عليه الزكاة في حصته من الربح خاصة لأن رب المال إذا اشترط ذلك فقد اشترط لنفسه فضلا من الربح ثابتا فيما سقط عنه من حصة الزكاة التي تصيبه من حصته ولا يجوز لرجل أن يشترط على من قارضه أن لا يشتري إلا من فلان لرجل يسميه فذلك غير جائز لأنه يصير له أجيرا بأجر ليس بمعروف قال مالك في الرجل يدفع إلى رجل مالا قراضا ويشترط على الذي دفع إليه المال الضمان قال لا يجوز لصاحب المال أن يشترط في ماله غير ما وضع القراض عليه وما مضى من سنة المسلمين فيه فإن نما المال على شرط الضمان كان قد ازداد في حقه من الربح من أجل موضع الضمان وإنما يقتسمان الربح على ما لو أعطاه إياه على غير ضمان وإن تلف المال لم أر على الذي أخذه ضمانا لأن شرط الضمان في القراض باطل قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا واشترط عليه أن لا يبتاع به إلا نخلا أو دواب لأجل أنه يطلب ثمر النخل أو نسل الدواب ويحبس رقابها قال مالك لا يجوز هذا وليس هذا من سنة المسلمين في القراض إلا أن يشتري ذلك ثم يبيعه كما يباع غيره من السلع [ ص: 523 ] قال مالك لا بأس أن يشترط المقارض على رب المال غلاما يعينه به على أن يقوم معه الغلام في المال إذا لم يعد أن يعينه في المال لا يعينه في غيره

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية