الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  ( 870 ) حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ( ح ) .

                                                                  وحدثنا محمد بن عبدوس بن كامل السراج ، ومحمد بن محمد الجذوعي القاضي ، قالا : ثنا علي بن الجعد ، قالا : ثنا محمد بن يزيد الواسطي ، ثنا زياد الخصاص ، عن الحسن ، حدثني قيس بن عاصم المنقري ، قال : قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما رآني سمعته يقول : " هذا سيد أهل [ ص: 340 ] العرب " قال : فلما نزلنا أتيته فجعلت أحدثه ، قال : قلت : يا رسول الله ، المال الذي لا يكون علي فيه تبعة من ضيف ضافني وعيال كثروا ، قال : " نعم المال الأربعون ، والأكثر الستون ، وويل لأصحاب المائتين إلا من أعطى في رسلها ونجدتها ، وأفقر ظهرا ونحر سمينها فأطعم القانع والمعتر " . قال : قلت : يا نبي الله ما أكرم هذه الأخلاق وأحسنها ، يا رسول الله لا يحل بالوادي الذي أكون فيه لكثرة إبلي ، قال : " فكيف تصنع ؟ " قلت : تغدو الإبل ويغدو الناس ، فمن شاء أخذ برأس بعير فذهب به ، فقال : " ما تصنع بإفقار الظهر ؟ " قلت : إني لا أفقر الصغير ولا الناب المدبرة . قال : " فمالك أحب إليك أم مال مواليك ؟ " قال : قلت : مالي أحب إلي من مال موالي ، قال : " فإن لك من مالك ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو أعطيت فأمضيت ، وإلا فلموا إليك " . فقلت : والله لئن بقيت لأفنين عددها ، قال الحسن : ففعل والله ، فلما حضرت قيسا الوفاة قال : يا بني خذوا عني ، لا أجد أنصح لكم مني : إذا أنا مت فسودوا كباركم ، ولا تسودوا صغاركم فيستسفهكم الناس فيهونوا عليكم ، وعليكم باستصلاح المال ، فإنه منبهة الكريم ويستغنى به عن اللئيم ، وإياكم والمسألة فإنها آخر كسب المرء ، إن أحدا لم يسأل إلا ترك كسبه ، وإذا مت فلا تنوحوا علي فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ينهى عن النياحة " ، وكفنوني في ثيابي التي كنت أصلي فيها وأصوم ، وإذا دفنتموني فلا تدفنوني في موضع يطلع علي أحد ، فإنه قد كان بيني وبين بكر بن وائل خماشات في الجاهلية ، فأخاف أن ينبشوني ، فيصنعون في ذلك ما يذهب فيه دينكم ودنياكم " . قال الحسن رحمه الله : نصح لهم في الحياة ، ونصح لهم في الممات .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية