الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  [ ص: 253 ] ( 568 ) حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، وجعفر بن محمد الفريابي ، قالا : ثنا زكريا بن يحيى الرياشي ، ثنا عبد الله بن عيسى الخزاز ، ثنا يونس بن عبيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أنه سمع عمر بن الخطاب ، يقول : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند الظهر فوجد أبا بكر في المسجد فقال له : " ما أخرجك هذه الساعة ؟ " ، قال : أخرجني الذي أخرجك يا رسول الله وجاء عمر بن الخطاب ، فقال : " يا ابن الخطاب ما أخرجك ؟ " ، قال : أخرجني الذي أخرجكما ، فقعد عمر فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحدثهما ، ثم قال : " فيكما من قوة تنطلقان إلى هذا النخل فتصيبان طعاما وشرابا وطلاء " ، قلنا : نعم ، قال : " مروا بنا إلى منزل أبي الهيثم بن التيهان الأنصاري " ، فتقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، بين أيدينا فسلم واستأذن ثلاث مرات ، وأم الهيثم من وراء الباب تسمع سلامه تريد أن يزيدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، من السلام ، فلما أراد أن ينصرف خرجت أم الهيثم تسعى خلفهم ، فقالت : يا رسول الله قد والله سمعت تسليمك ، ولكني أردت أن تزيدنا من سلامك ، قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيرا ، ثم قال : " أين أبو الهيثم ؟ " ، فقالت : يا رسول الله [ ص: 254 ] هو قريب ، ذهب يستعذب لنا من الماء ، ادخلوا ، فإنه يأتي الساعة إن شاء الله " ، فبسطت لهم بساطا تحت الشجرة ، وجاء أبو الهيثم ففرح بهم وقرت عيناه بهم ، وصعد على نخلة فصرم لهم أعذاقا ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " احتسب يا أبا الهيثم " ، فقال : يا رسول الله تأكلون من بسره ومن رطبه ومن تذنوبه ، ثم أتاهم بماء فشربوا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " هذا من النعيم الذي تسألون عنه " ، فقام أبو الهيثم ليذبح لهم شاة ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إياك واللبون " ، وقامت أم الهيثم تعجن وتخبز لهم ، ووضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - رءوسهم للقائلة فأيقظوا وقد أدرك طعامهم ، فوضع الطعام بين أيديهم ، فأكلوا وشبعوا ورد عليهم أبو الهيثم بقية الأعذاق ، فأكلوا من رطبه وتذنوبه ، فسلم عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعا لهم بخير .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية