الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب صلاحهم فهو يحب أن يستغفر لهم، وربما ندبه إلى ذلك بعض أقاربهم، فكان [ ص: 85 ] استغفاره بحيث يسأل عنه، قال [منبها] على أنهم ليسوا بأهل للاستغفار لأنهم لا يؤمنون. سواء أي غلب واستعلى هذا الاستواء الذي عالجوا أنفسهم عليه حتى تخلقوا به فصار مجردا عن أدنى ميل وكلفة عليهم

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان قد سلخ في هذا السياق عن الهمزة معنى الاستفهام كان معنى أستغفرت لهم أي في هذا الوقت أم لم تستغفر لهم أي فيه أو فيما بعده - مستو عندهم استغفارك لهم وتركه، لأنه لا أثر له عندهم، ولهذا كانت نتيجته - عقوبة لهم - النفي المبالغ فيه بقوله: لن يغفر الله أي الملك الأعظم لهم ولعل التعبير بالاستفهام بعد سلخ معناه للشارة إلى أنهم لو شاهدوا الملك يستفهمك عن ذلك ما ردهم عن نفاقهم وما زادهم ذلك على ما عندهم شيئا، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قيد هذه الآية بآية براءة المحتملة للتخيير وأنه إن زاد على السبعين كان الغفران مرجوا، فاستجاز بذلك الصلاة على ابن أبي رأس المنافقين والاستغفار له لما عنده صلى الله عليه وسلم من [عظيم] الشفقة على عباد الله ومزيد الرحمة لهم ولا سيما من كان في عداد أصحابه والأنصار رضي الله [ ص: 86 ] عنهم [به] عناية.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان التقدير لتعليل المبالغة في الإخبار بعد الغفران لهم: لأن فسقهم قد استحكم فصار وصفا لهم ثابتا، عبر عن ذلك بقوله: إن الله أي الذي له صفات الكمال لا يهدي القوم أي الناس الذي لهم قوة في أنفسهم على ما يريدونه الفاسقين لأنهم لا عذر لهم في الإصرار على الفسق وهو المروق من حصن الإسلام بخرقه وهتكه مرة بعد مرة والتمرن عليه حتى استحكم فهم راسخون في النفاق والخروج عن مظنة الإصلاح.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية