الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وسقط القتل ولو بعد الفتح : بلفظ ، أو إشارة مفهمة ، [ ص: 173 ] إن لم يضر .

التالي السابق


( وسقط القتل ) عن الحربي بتأمينه من الإمام أو غيره وأمضاه قبل الفتح بل ( ولو بعد الفتح ) هذا قول ابن القاسم وابن المواز . وقال سحنون لا يجوز لمؤمنه قتله ويجوز لغيره ، فالخلاف في سقوط القتل بالتأمين بعد الفتح إنما هو بالنسبة لغير المؤمن . وأما هو فليس له قتله اتفاقا ، وكذا في التوضيح والحط ، ومقتضى نقل المواق عن ابن بشير أن الخلاف في تأمين غير الإمام بالنسبة للقتل ، وكذا غير القتل إن كان التأمين قبل الفتح لا بعده فيسقط القتل فقط لا الفداء أو الجزية أو الاسترقاق فيرى الإمام رأيه فيه ، واقتصر على القتل مع أنه لا خصوصية له حيث وقع التأمين قبل الفتح للمبالغة على ما بعده ، إذ لا يسقط حينئذ إلا هو دون غيره .

ثم الأمان يكون ( بلفظ أو إشارة مفهمة ) أي شأنها فهم العدو الأمان منها وإن قصد المسلمون بها ضده كفتحنا المصحف ، وحلفنا أن نقتلهم فظنوه تأمينا فهو صلة تأمين فيفيد فائدتين كونه بلفظ إلخ ، وسقوط القتل به وتعليقه بسقوط لا يفيد الأولى ، ويحتمل تنازعهما فيه وإعمال الثاني في لفظه لقربه ، والأول في ضميره وحذفه ; لأنه فضلة .

البناني قوله وإن قصد المسلمون ضده إلخ داخل في قوله وإن ظنه حربي إلخ ، ومعنى [ ص: 173 ] كونه تأمينا أنه يعصم دمه وماله لكن يخير الإمام بين إمضائه ورده لمأمنه ، وبهذا يجمع بين ما في التوضيح من اشتراط قصده ، وما في المواق من عدم اشتراطه بحمل ما في التوضيح على التأمين المنعقد الذي لا يرد ، وما في المواق على ما يخير فيه الإمام والله أعلم . قوله وتعليقه يسقط إلخ فيه نظر إذ يفيد الأولى أيضا ; لأن السقوط المذكور ثمرة التأمين ونتيجته .

وشرط جواز التأمين من الإمام أو غيره أو مضيه ( إن لم يضر ) التأمين المسلمين بأن كانت فيه مصلحة لهم أو لم يحصل به مصلحة ، ولا مضرة فهو راجع لقوله بأمان الإمام إلخ ، ففي الجواهر وشرط الأمان أن لا يكون على المسلمين ضررا فلو أمن جاسوسا أو طليعة أو من فيه مضرة لم ينعقد ، ولا تشترط المصلحة بل عدم المضرة ، ثم قال فلو فقد الشرط بأن كان عينا أو جاسوسا أو طليعة أو من فيه مضرة لم ينعقد .

وأما تمثيل الشارحين المضرة بقولهم كإشرافهم على فتح حصن إلخ ، فهو لسحنون عزاه جميع من وقفنا عليه له وهو على أصله من أن التأمين بعد الفتح لا يصح ، ولا يأتي على مذهب ابن القاسم من صحته بعده ; لأنه إذا صح بعده فأحرى قبله ، لكن يبقى النظر في حكمه بعد الإشراف هل هو كما بعد الفتح في إسقاط القتل فقط أو تأمينا مطلقا والظاهر من كلامهم الثاني . ابن بشير لما ذكر الأمان هذا كله إذا كان الأمان قبل الفتح وما دام الذي أمن متمنعا . ابن عرفة في شروطه وكونه قبل القدرة على الحربيين أفاده طفي .




الخدمات العلمية