الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1731 [ 1007 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا ابن عيينة، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ابن عمر قال: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سرية فلقوا العدو فحاص الناس حيصة، فأتينا المدينة ففتحنا بابها، وقلنا: يا رسول الله نحن الفرارون. قال: "بل أنتم العكارون وأنا فئتكم" . .

التالي السابق


الشرح

كلام ابن عباس في تفسير الآية أخرجه البخاري في الصحيح عن علي بن عبد الله، عن سفيان.

وكان يجب في ابتداء الإسلام أن يقاوم الواحد عشرة ولا يفر منهم.

وقوله تعالى: إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين لفظه لفظ الخبر والمراد الأمر كقوله تعالى: والمطلقات يتربصن بأنفسهن وبقي الأمر على ذلك مدة، وشق ذلك على الصحابة فنسخه الله تعالى بعد مدة، وأنزل قوله: الآن خفف الله عنكم إلى آخره.

وقول ابن عباس: "فكتب عليهم" يبين أن المراد من اللفظ الأمر، وعن الزبير بن الخريت عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى: إن يكن منكم عشرون صابرون قال: فرض عليهم أن لا يفر الرجل من [ ص: 305 ] عشرة ولا قوم من عشرة أمثالهم فجهد ذلك الناس وشق عليهم فجاء التخفيف فقال: الآن خفف الله عنكم الآية، فلما خفف الله عنهم من العدة نقص من الصبر بقدر ما خفف عنهم .

وإذا لم يزد عدد الكفار على الضعف فالفرار من الزحف من الكبائر، ففي الصحيح عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اجتنبوا السبع الموبقات ..." وذكره فيهن، ويستثنى ما إذا أول متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة، على ما قال تعالى: إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة ، والمتحرف للقتال: هو الذي ينصرف ليهجم أو يتحول من مضيق إلى متسع أو من جهة إلى جهة أخرى، والمتحيز إلى فئة: هو الذي ينصرف على قصد أن يذهب إلى طائفة يستنجد بها للقتال، ويدل عليه حديث ابن عمر وقد أخرجه أبو داود عن أحمد بن يونس عن زهير عن يزيد بن أبي زياد، وقال بعد قوله: "بل أنتم العكارون": فدنونا فقبلنا يده فقال: "أنا فئة المسلمين".

وقوله: "فحاص الناس" أي: عدلوا منهزمين، يقال: حاص يحيص إذا حاد على طريقه وانصرف إلى جهة أخرى، ويروى في مثله "فجاض" بالجيم والضاد المعجمة وهو بمعنى حاص بالحاء والصاد المهملتين.

وقوله: "بل أنتم العكارون" أي: العاطفون على القتال والعائدون إليه، يقال: عكرت على الشيء إذا عطفت عليه وانصرفت إليه بعد [ ص: 306 ] الذهاب عنه، ويروى عن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: أنا فئة كل مسلم .

وقضية ظاهر اللفظ لا يفترق الحال بين أن تكون الفئة قريبة يمكن الاستنجاد بها في هذا القتال.




الخدمات العلمية