الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 249 ] ( فإن وطئها قبل أن يكفر استغفر الله تعالى ولا شيء عليه غير الكفارة الأولى ولا يعود حتى يكفر ) { لقوله عليه الصلاة والسلام للذي واقع في ظهاره قبل الكفارة استغفر الله ولا تعد حتى تكفر } ولو كان شيء آخر واجبا لنبه عليه . قال : وهذا اللفظ لا يكون إلا ظهارا لأنه صريح فيه ( ولو نوى به الطلاق لا يصح )

[ ص: 250 ] لأنه منسوخ فلا يتمكن من الإتيان به

التالي السابق


( قوله لقوله صلى الله عليه وسلم ) روى أصحاب السنن الأربعة عن { ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا ظاهر من امرأته فوقع عليها قبل أن يكفر ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما حملك على هذا ؟ قال : رأيت خلخالها في ضوء القمر ، وفي لفظ : بياض ساقيها ، قال : فاعتزلها حتى تكفر } ولفظ ابن ماجه { فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن لا يقربها حتى يكفر } قال الترمذي : حديث حسن صحيح غريب .

ونفى كون هذا الحديث صحيحا رده المنذري في مختصره بأنه صححه الترمذي ورجاله ثقات مشهور سماع بعضهم من بعض . وروى الترمذي عن ابن إسحاق إلى آخر السند عن سلمة بن صخر البياضي عن النبي صلى الله عليه وسلم { في المظاهر يواقع قبل أن يكفر قال : كفارة واحدة } وقال : حديث حسن غريب .

وأما ذكر الاستغفار في الحديث فالله أعلم به ، وهو في الموطإ من قول مالك ، ولفظه : قال مالك فيمن يظاهر ثم يمسها قبل أن يكفر يكف عنها حتى يستغفر الله ويكفر ، ثم قال : وذلك أحسن ما سمعت ( قوله فلو كان شيء آخر واجبا لنبه عليه ) لأنه مقام البيان وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ، فعلم أن المذكور تمام حكم الحادثة فلا تجب كفارتان كما نقل عن عمرو بن العاص وقبيصة وسعيد بن جبير والزهري وقتادة ، ولا ثلاث كفارات كما عن الحسن البصري والنخعي .

( قوله وهذا اللفظ ) أي قوله أنت علي كظهر أمي ( لا يكون إلا ظهارا وإن نوى به الطلاق ) أو الإيلاء أو قال لم أنو شيئا لأنه صريح فيه ، وإنما إليه اتباع المشروع لا تغييره ، وهذا يعم ما قلنا ، وما في الكتاب يخص قصد [ ص: 250 ] الطلاق . ولو قال أردت به الخير عن الماضي كذبا لا يصدق في القضاء ويصدق فيما بينه وبين الله تعالى ، وكذا في التحفة . ولو قيل المنسوخ كون هذا اللفظ طلاقا وهو لا يستلزم نفي صحة إرادته به احتاج إلى الجواب ويصلح ما تقدم من قوله وإنما إليه اتباع المشروع لا تغييره أن يكون جوابا وهو كلفظ أنت طالق جعل شرعا لوقوع الطلاق على المخاطبة ، ويصح أن يراد غيره فلا يقع فيما بينه وبين الله تعالى كذا في التحفة .




الخدمات العلمية