الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        إن المتقين في جنات وعيون ادخلوها بسلام آمنين ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم

                                                                                                                                                                                                                                        (45 ) يقول تعالى: إن المتقين الذين اتقوا طاعة الشيطان وما يدعوهم إليه من جميع الذنوب والعصيان في جنات وعيون قد احتوت على جميع الأشجار، وأينعت فيها جميع الثمار اللذيذة في جميع الأوقات.

                                                                                                                                                                                                                                        (46 ) ويقال لهم حال دخولها: ادخلوها بسلام آمنين من الموت والنوم والنصب واللغوب وانقطاع شيء من النعيم الذي هم فيه أو نقصانه، ومن المرض والحزن والهم وسائر المكدرات.

                                                                                                                                                                                                                                        (47 ونزعنا ما في صدورهم من غل فتبقى قلوبهم سالمة من كل غل وحسد، متصافية متحابة إخوانا على سرر متقابلين : دل ذلك على تزاورهم واجتماعهم وحسن أدبهم فيما بينهم في كون كل منهم مقابلا للآخر لا مستدبرا له، متكئين على تلك السرر المزينة بالفرش واللؤلؤ وأنواع الجواهر.

                                                                                                                                                                                                                                        (48 لا يمسهم فيها نصب لا ظاهر ولا باطن، وذلك لأن الله ينشئهم نشأة وحياة كاملة لا تقبل شيئا من الآفات، وما هم منها بمخرجين على سائر الأوقات.

                                                                                                                                                                                                                                        (49 ) ولما ذكر ما يوجب الرغبة والرهبة من مفعولات الله من الجنة والنار، ذكر ما يوجب ذلك من أوصافه تعالى فقال: نبئ عبادي أي: أخبرهم خبرا جازما مؤيدا بالأدلة، أني أنا الغفور الرحيم فإنهم إذا عرفوا كمال رحمته ومغفرته؛ سعوا في الأسباب الموصلة لهم إلى رحمته، وأقلعوا عن الذنوب وتابوا منها؛ لينالوا مغفرته.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 864 ] (50 ) ومع هذا؛ فلا ينبغي أن يتمادى بهم الرجاء إلى حال الأمن والإدلال، فنبئهم " أن عذابي هو العذاب الأليم " أي: لا عذاب في الحقيقة إلا عذاب الله الذي لا يقادر قدره ولا يبلغ كنهه، نعوذ به من عذابه، فإنهم إذا عرفوا أن لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد حذروا وأبعدوا عن كل سبب يوجب لهم العقاب.

                                                                                                                                                                                                                                        فالعبد ينبغي أن يكون قلبه دائما بين الخوف والرجاء، والرغبة والرهبة، فإذا نظر إلى رحمة ربه ومغفرته وجوده وإحسانه، أحدث له ذلك الرجاء والرغبة، وإذا نظر إلى ذنوبه وتقصيره في حقوق ربه، أحدث له الخوف والرهبة والإقلاع عنها.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية