الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( أو ) حفر ( بطريق ضيق يضر المارة ) ( فكذا ) هو مضمون ، وإن أذن فيه الإمام لتعديهما ( أو ) حفر بطريق ( لا يضم ) المارة لسعتها أو لانحراف البئر عن الجادة ( وأذن ) له ( الإمام ) في الحفر ( فلا ضمان ) عليه ولا على عاقلته للتالف بها وإن كان الحفر لمصلحة نفسه ( وإلا ) بأن لم يأذن له الإمام ، وهي غير ضارة ( فإن حفر لمصلحته فالضمان ) عليه أو على عاقلته لافتياته على الإمام ( أو مصلحة عامة ) عطف على لمصلحته فالقول [ ص: 355 ] بأنه معطوف على الضمير المجرور مردود كحفره لاستقاء أو جمع ماء مطر ولم ينهه الإمام كما نقل عن أبي الفرج الزاز ( فلا ) ضمان فيه ( في الأظهر ) لجوازه .

                                                                                                                            والثاني قال الجواز مشروط بسلامة العاقبة ، وخص الماوردي ذلك بما إذا أحكم رأسها ، فإن لم يحكمها وتركها مفتوحة ضمن مطلقا ، قال الزركشي وغيره : وهو ظاهر ، فلو أحكم رأسها محتسب ثم جاء ثالث وفتحه تعلق الضمان به كما لو طمها فجاء آخر وحفرها ، وتقرير الإمام بعد الحفر بغير إذنه يرفع الضمان كتقرير المالك السابق ، وألحق العبادي والهروي القاضي بالإمام حيث قالا له الإذن في بناء مسجد واتخاذ سقاية بالطريق حيث لا تضر بالمارة ، وإنما يتجه إذا لم يخص الإمام بالنظر بالطريق غيره ( ومسجد كطريق ) فلو حفر به بئرا أو بناه في شارع أو وضع سقاية على باب داره لم يضمن الهالك بها ، وإن لم يأذن الإمام ولم يضر بالناس ، ويجب أن يكون فيما لو حفر لمصلحة المسجد أو لمصلحة المسلمين أو المصلين كما اقتضاه كلام البغوي والمتولي وغيرهما ، فإن فعله لمصلحة نفسه فعدوان إن أضر بالناس وإن أذن فيه الإمام بل الحفر فيه لمصلحة نفسه ممتنع مطلقا فالتشبيه من حيث الجملة ، نعم لو بنى مسجدا في موات فهلك به إنسان لم يضمنه وإن لم يأذن الإمام قاله الماوردي ، ولا يضمن بتعليق قنديل وفرش حصير أو حشيش ونصب عمد وبناء سقف وتطيين جدار في المسجد ولو بلا إذن من الإمام

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله يضر المارة ) وليس مما يضر ما جرت به العادة من حفر الشوارع للإصلاح ; لأن مثل هذا لا تعدي فيه لكونه من المصالح العامة ( قوله : لتعديهما ) الحافر والإمام ( قوله فالضمان عليه ) أي حيث كان السابق غير نفس وعلى عاقلته حيث كان نفسا ، ولو رقيقا لما يأتي من أن قيمة الرقيق على العاقلة

                                                                                                                            ( قوله : أو مصلحة عامة ) يؤخذ مما ذكر من التفصيل أن ما يقع لأهل القرى من حفر آبار في زمن الصيف للاستقاء منها في المواضع التي جرت عادتهم بالمرور فيها والانتفاع بها أنه إن كان في محل ضيق يضر المارة ضمنت عاقلة الحافر ، ولو بإذن الإمام ، وإن كان بمحل واسع لا يضر بهم ، فإن فعل لمصلحة نفسه كسقي دوابه منها وأذن له الإمام فلا ضمان ، وإن كان لمصلحة نفسه ولم يأذن له الإمام ضمن وإن انتفع غيره تبعا ، والمراد بالإمام من له ولاية على ذلك المحل ، والظاهر أن منه ملتزم البلد [ ص: 355 ] لأنه مستأجر للأرض فله ولاية التصرف فيها

                                                                                                                            ( قوله : ولم ينهه الإمام ) أفهم أنه لو نهاه الإمام امتنع عليه الفعل وضمن وقوله كما نقله : أي المصنف ( قوله : تعلق الضمان به ) أي الثالث ( قوله : وإن لم يأذن الإمام ولم يضر ) أي والحال

                                                                                                                            ( قوله : ويجب ) أي يتعين فرضه فيما لو حفر لمصلحة إلخ

                                                                                                                            ( قوله : أن يكون فيما لو حفر إلخ ) أي الحافر فيما ذكر

                                                                                                                            ( قوله : ولا يضمن بتعليق قنديل ) أي ما لم ينهه الإمام أو من له ولاية المحل أخذا من قوله السابق أو جمع ماء مطر ولم ينهه الإمام ( قوله ولو بلا إذن من الإمام ) أي ; لأن ذلك لمصلحة المسجد والمصلين



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : على لمصلحته ) صوابه على مصلحته [ ص: 355 ] قوله : فلو حفر به بئرا أو بناه في شارع ) اعلم أن الشهاب حج لما حل المتن حمله على الظاهر منه حيث قال عقبه ما نصه : أي الحفر فيه كما مر فيها ، ثم قال بعد ذلك : ويصح حمل المتن بتكلف على أن وضع المسجد ومثله السقاية بطريق كالحفر فيها ، فيأتي هنا تفصيله ا هـ .

                                                                                                                            والشارح أشار في أول الأمر إلى حمل المتن على المعنيين معا ، إلا أن قوله أو اتخذا سقاية في باب داره ليس حق التعبير ( قوله : ولم يضر بالناس ) الواو للحال




                                                                                                                            الخدمات العلمية