الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا حلف لا يدخل عليه بيتا فدخل عليه في المسجد ، أو في الكعبة لم يحنث ; لأنه مصلى ، والبيت اسم للموضع المعد للبيتوتة فيه . ( فإن قيل ) : أليس أن الله تعالى سمى الكعبة بيتا بقوله { : إن أول بيت وضع للناس } ، وسمى المساجد بيوتا في قوله { : في بيوت أذن الله } ؟ ( قلنا ) : قد بينا أن [ ص: 170 ] الأيمان لا تنبني على لفظ القرآن ، وقد سمي بيت العنكبوت بيتا ، فقال { : وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت } . ثم هذا لا يدل على أن مطلق اسم البيت في اليمين يتناوله . ( قال ) : وكل شيء من المساكن يقع عليه اسم بيت حنث فيه ، وإن دخل ، ومراده ما يطلق عليه الاسم عادة في الاستعمال ، وإن دخل بيتا هو فيه ، ولم ينو الدخول عليه لم يحنث ; لأن شرط حنثه الدخول عليه ، وذلك بأن يقصد زيارته ، أو الاستخفاف به بأن يقصد ضربه ، وهذا لم يوجد إذا لم ينو الدخول عليه ، أو لم يعلم أنه فيه ، ألا ترى أن السقاء يدخل دار الأمير في كل يوم ، ولا يقال : دخل على الأمير ، وقد روي عن محمد رحمه الله تعالى أنه يحنث ، وإن لم يعلم كونه فيه ، ولم ينو الدخول عليه بأن دخل على قوم هو فيهم ، والحالف لا يعلم بمكانه ; لأن حقيقة الدخول عليه قد وجد ، ولا يسقط حكمه باعتبار جهله ، وإذا حلف لا يدخل على فلان ، ولم يسم بيتا ، ولم ينوه فدخل دارا هو فيها لم يحنث ، ألا ترى أنه لو كان في بيت منها لا يراه الداخل ، فإنه لا يكون داخلا عليه ، أرأيت أنه لو كانت الدار عظيمة فيها منازل ، فدخل منزلا منها ، وفلان في منزل آخر كان يحنث ، إنما يقع اليمين في هذا إذا دخل عليه بيتا أو صفة ; لأنه حينئذ يكون داخلا عليه حقيقة ، إلا أن يكون حلف أن لا يدخل عليه دارا ، فحينئذ يحنث إذا دخل داره ; لأن اعتبار العرف عند عدم التصريح بخلافه ، وكذلك إن نوى دارا ; لأنه يشدد الأمر على نفسه بهذه النية .

التالي السابق


الخدمات العلمية