الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        ذكر الإمام الرافعي رحمه الله هنا مسائل منثورة تتعلق بكتاب الطلاق ، نقلتها إلى موضعها اللائقة بها ، ومما لم أنقله مسائل ، منها عن أبي العباس الروياني : لو كان له امرأتان ، فقال مشيرا إلى إحداهما : امرأتي طالق ، وقال : أردت الأخرى ، فهل تطلق الأخرى ، وتبطل الإشارة ، أم تطلقان معا ؟ وجهان .

                                                                                                                                                                        قلت : الأرجح الأول . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        وذكر إسماعيل البوشنجي ، أنه لو قال لإحدى نسائه : أنت طالق ، وفلانة أو فلانة ، فإن أراد ضم الثانية إلى الأولى ، فهما حزب ، والثالثة [ ص: 114 ] حزب ، والطلاق تردد بين الأوليين والثالثة ، فإن عين الثالثة ، طلقت وحدها ، وإن عين الأوليين أو إحداهما ، طلقتا ، وإن ضم الثانية إلى الثالثة وجعلهما حزبا والأولى حزبا ، طلقت الأولى وإحدى الأخريين ، والتعيين إليه ، وهذا الضم والتحزيب يعرف من قرينة الوقفة ، والنغمة كما ذكرناه قريبا في صيغ التعيين ، فإن لم تكن قرينة ، قال : فالذي أراه أنه إن كان عارفا بالعربية ، فمقتضى الواو الجمع بين الأولى والثانية في الحكم ، فيجعلان حزبا ، والثالثة حزبا ، وإن كان جاهلا بها ، طلقت الأولى بيقين ، ويخير بين الأخريين . وأنه لو جلست نسوته الأربع صفا ، فقال : الوسطى منكن طالق ، فوجهان ، أحدهما : لا يقع شيء إذ لا وسطى ، والثاني : يقع على الوسطيين ، لأن الاتحاد ليس بشرط في وقوع اسم الوسطى .

                                                                                                                                                                        قلت : كلا الوجهين ضعيف ، والمختار ثالث ، وهو أن يطلق واحدة من الوسطيين ، يعينها الزوج ، لأن موضوع الوسطى لواحدة . فلا يزاد . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        وأنه لو قال لامرأتيه المدخول بهما : أنتما طالقان ، ثم قال قبل المراجعة : إحداكما طالق ثلاثا ولم ينو معينة ، ثم انقضت عدة إحداهما ، فإن عين في الباقية ، فذاك ، وإن عين في الثانية ، بني على أن التعيين بيان للواقع ، أم إيقاع ؟ إن قلنا بالأول صح ، وإلا فلا . قال : والأول أشبه بالمذهب . ولو انقضت عدتها ، لم يجز له التزوج بواحدة منهما قبل التعيين ، وإلا إذا نكحت زوجا آخر ، وبالله التوفيق .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية