الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
{ وسألته صلى الله عليه وسلم امرأة ، فقالت : إن أمي توفيت وعليها نذر صيام فتوفيت قبل أن تقضيه ، فقال : ليصم عنها الولي } ذكره ابن ماجه [ النيابة في فعل الطاعة ] وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : { من مات وعليه صيام صام عنه وليه } .

فطائفة حملت هذا على عمومه وإطلاقه ، وقالت : يصام عنه النذر والفرض وأبت طائفة ذلك ، وقالت : لا يصام عنه نذر ولا فرض .

وفصلت طائفة فقالت : يصام عنه النذر دون الفرض الأصلي ، وهذا قول ابن عباس وأصحابه والإمام أحمد وأصحابه ، وهو الصحيح ; لأن فرض الصيام جار مجرى الصلاة ، فكما لا يصلي أحد عن أحد ولا يسلم أحد عن أحد فكذلك الصيام ، وأما النذر فهو التزام في الذمة بمنزلة الدين ، فيقبل قضاء الولي له كما يقضي دينه ، وهذا محض الفقه ، وطرد هذا أنه لا يحتج عنه ، ولا يزكي عنه إلا إذا كان معذورا بالتأخير ، كما يطعم الولي عمن أفطر في رمضان لعذر ، فأما المفرط من غير عذر أصلا فلا ينفعه أداء غيره عنه لفرائض الله - تعالى - التي فرط فيها ، وكان هو المأمور بها ابتلاء وامتحانا دون الولي ، فلا تنفع توبة أحد عن أحد ، ولا إسلامه عنه ، ولا أداء الصلاة عنه ، ولا غيرها من فرائض الله - تعالى - التي فرط فيها حتى مات ، والله أعلم .

{ وسألته صلى الله عليه وسلم امرأة ، فقالت : إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدف ، فقال : أوفي بنذرك قالت : إني نذرت أن أذبح بمكان كذا وكذا مكان يذبح فيه أهل الجاهلية ، قال : لصنم ؟ قالت : لا ، قال : لوثن ؟ قالت : لا ، قال : أوفي بنذرك } ذكره أبو داود .

{ وسأله صلى الله عليه وسلم رجل ، فقال : إني نذرت أن أنحر إبلا ببوانة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : كان فيها [ ص: 297 ] وثن من أوثان الجاهلية يعبد ؟ قالوا : لا ، قال : فهل كان فيها عيد من أعيادهم ؟ قالوا : لا ، قال : أوف بنذرك فإنه لا وفاء بالنذر في معصية الله ، ولا فيما لا يملك ابن آدم } ذكره أبو داود .

التالي السابق


الخدمات العلمية