الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مازلت أعاني من الرهاب.. فهل عقار سيبرالكس يناسبني؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كلما بعثت لكم برسالة لابد أن أبدأها بالدعاء لكم بكل خير؛ فأنتم بعد الله ذووا فضلٍ على أخيكم، فبسببكم تعرَّفتُ على الدواء الرائع (سيبرالكس)، والذي بدأت بتناوله قبل سنتين، ولا أزال؛ حيث كنت أعاني من ثلاثة أمور:
الأول: (الرهاب الاجتماعي) بصورة كبيرة.

والثاني: (القلق) بصورة متوسطة.

والثالث: (الاكتئاب) بصورة خفيفة، وبفضلٍ من الله فقد كان الدواء فعالاً جداً في علاج الأمرين الأولين.

أما الأمر الثالث فهو سبب كتابتي لهذه الرسالة طالباً مشورتكم.
لقد لاحظت ازدياد أعراض الاكتئاب بشكل كبير جداً، مع أن الدواء يعالج فيما يعالج أعراض الاكتئاب! فما تعليقكم حفظكم الله؟ وهل تنصحون بتناول أحد مضادات الاكتئاب جنباً إلى جنب مع (سيبرالكس)؟ وإذا كان الأمر كذلك فما اسم الدواء؟ وما هي الجرعة المناسبة؟

بانتظار تكرمكم بالرد، مع أطيب التحايا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فنشكرك على كلماتك الطيبة، ونسأل الله تعالى أن ينفع بنا جميعًا.
لا شك أن رسالتك رائعة ومعبرة وسررتُ كثيرًا أنك قد استفدت من هذا الدواء – أي السبرالكس – وهو بالفعل دواء فعال وممتاز، وفوق ذلك هو من الأدوية السليمة جدًّا.

الآن أنت الحمد لله تعالى من ناحية الرهاب الاجتماعي والقلق تحسنت أمورك كثيرًا، ويعرف عن السبرالكس أنه دواء مضاد للقلق بصورة فاعلة، والرهاب الاجتماعي في الأصل هو نوع من القلق، فإذن يُفهم من الناحية العلمية تمامًا لماذا انتهى القلق والرهاب الاجتماعي.

أما بالنسبة للاكتئاب فيعرف تمامًا أن الحالات النفسية التي تظهر في شكل صور إكلينيكية متعددة كالقلق والتوتر والوساوس والمخاوف والاكتئاب لا تكون هذه المكونات متساوية في حدتها وشدتها وكثافتها، قد يكون هنالك ما هو أعمق وأقوى، وقد يكون منها ما هو أخف أو في درجة المتوسط، فالذي أتصوره أن الرهاب والقلق الذين لديك أصلاً كانا في درجة ليست شديدة حتى وإن كانت مخاوفك واضحة، لكن يعرف أن هذه الحالات النفسية في الأصل حالات هشّة وتستجيب للعلاج دوائيًا كان أو سلوكيًا، أما الاكتئاب فقد يعتبر جوهرًا أساسيًا لهذه الحالات النفسية، لذا بقيت بعض آثاره النفسية وشوائبه السالبة، وهذه تعالج أيضًا، وهذا ليس بالصعب أبدًا.

المطلوب منك هو: دائمًا تبني إرادة التحسن لديك، وهذا يتم من خلال تذكرك الدائم لما جنيته وتحصلت عليه من تحسن فيما يخص القلق والرهاب الاجتماعي.

ثانيًا: حاول أن تكثف من آليات العلاج المعرفي السلوكي الذي له فعالية معروفة في علاج الاكتئاب، وهو تجنب التفكير السلبي، واستبداله بفكر معرفي إيجابي.

هذا علاج استرشادي معروف بأنه فعال، بأنه سليم، بأنه مفيد جدًّا، لكن يتطلب الجدية والتركيز.

والجدية تأتي في أن الإنسان حين تدور في خاطره فكرة سلبية يجب أن لا يستسلم لها، بل ينظر إليها بعمق وينظر في الفكرة الإيجابية المضادة لها، وبالتركيز والتمعن والتدبر فيما هو إيجابي سوف تتقلص الفكرة السلبية، وهذا أيضًا بالنسبة للأفعال.

الأفعال كثيرًا ما يحس الإنسان المكتئب أنه مسلوب الإرادة، لا رغبة له في أداء الكثير من متطلبات الحياة، هنا تكون المشاعر السلبية هي التي سيطرت ومنعت الإنسان من أداء الفعل، لكن الإنسان الذي ينتبه ويركز ويغير نفسه معرفيًا لا يحكم على نفسه من خلال مشاعره ووجدانه إنما من خلال أفعاله، بمعنى أن يضع خارطة يومية ثابتة للأفعال التي يجب أن يقوم بها، على النطاق الوظيفي، على النطاق الاجتماعي، على نطاق العبادة، الراحة، ممارسة الرياضة، أي أفعال تتطلبها حياته الإيجابية والفعالة يجب أن يقوم بها مهما كانت مشاعره، والإنسان الذي يلتزم ويكون منضبطًا للتطبيق العملي والفعلي للأنشطة الحياتية سوف تتغير مشاعره لتصبح إيجابية.

إذن هنا نكون قد قُدنا وغيّرنا وبدّلنا المشاعر من خلال الالتزام بالسلوك والسلوك الإيجابي. هذه إن شاء الله تفيدك كثيرًا.

أمر آخر وهو أن الرياضة وجد أنها ذات قيمة علاجية كبيرة، فكن حريصًا عليها، وأنت في مثل هذا العمر لا شك أن الرياضة لها فوائد جمّة على الجسد والقلب على وجه الخصوص.

بالنسبة للعلاج: أنت لم توضح جرعة السبرالكس التي تتناولها، لكن كثيرًا من الناس لا يستفيد إلا بعد أن تُرفع جرعة السبرالكس إلى عشرين مليجرامًا في اليوم على الأقل، فإن كانت جرعتك أقل من هذا فارفعها إلى عشرين مليجرامًا يوميًا، واستمر على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر كأقل مدة، بعد ذلك يمكن أن تبدأ في تخفيض الجرعة إلى خمسة عشر مليجرام مثلاً لمدة شهرين، ثم عشرة مليجرام لمدة ستة أشهر، ثم تجعلها خمسة مليجرام يوميًا لمدة شهر، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

أما إذا كانت جرعة العلاج أصلاً هي الآن عشرين مليجرامًا فهنا يمكن أن تضيف عقار فلوناكسول (فلوبنتكسول) هو عقار جيد يساعد كثيرًا في تحسين فعالية السبرالكس، وإزالة الاكتئاب إن شاء الله تعالى، وجرعته هي نصف مليجرام صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم نصف مليجرام صباحًا لمدة شهر، ثم يتم التوقف عن تناوله.

أما إذا كان لديك صعوبات في النوم فهنا يعتبر عقار سوركويل (كواتبين) أفضل من الفلوناكسول، وجرعة السوركويل هي خمسة وعشرين مليجرامًا، تتناولها ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء، وفي تلك الحالتين تستمر على السبرالكس حسب الجرعة التي وصفناها لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً