الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النسيان وعدم القدرة على التركيز مرضان دمرا حياتي فساعدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله كل خير لما تقدمونه من عون للمسلمين في كافة أنحاء العالم, وقد كنت أود استشارة الدكتور محمد عبد العليم, فأنا من مصر, وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يفرج كربها, وكرب سوريا, وفلسطين, وبورما, وكل بلاد المسلمين, اللهم آمين.

منذ حوالي 9سنوات أصيبت قدمي بسرطان, وتم بترها - والحمد لله -, وأنا الآن بصحة جيدة, وأتحرك بطرف صناعي - والحمد لله - ولم يؤثر ذلك عليّ فأكملت دراستي - والحمد لله -تخرجت من كلية الآداب قسم التاريخ منذ 4 سنوات, وبعدها انتقلنا إلى بيت بمنطقة أخرى في نفس المحافظة, ولكنها أكثر هدوءًا, وبعد انتقالنا بشهر توفي والدي فجأة, وكنت بجواره عندما توفي, فحمدت الله واسترجعت, وأنا الابنة الكبرى, ووقفت بجانب والدتي لأصبرها, وبعد حوالي أسبوع أصبحت حالتي النفسية صعبة, فدائمًا أتذكر والدي, وأتذكر لحظة وفاته, وبعد ما كنت أصبِّر من حولي أصبحوا هم يحاولون إخراجي من هذه الحالة, رغم أني - والحمد لله - أصلي وأعلم أن كل شيء قدر, وأصبحت أعاني من مشاكل صحية تتمثل في: التهابات في المعدة, وعدم رغبة في الأكل, واستمرت هذه الحالة معي حوالي سنتين, وخلال هذه الفترة ذهبت للعديد من الأطباء, وعندما تعبت من الذهاب للأطباء تأقلمت مع حالتي, وأكملت حياتي, وأنا أبحث عن عمل, ولكن ما يؤرقني هو أني لم أعد كما كنت في السابق أبحث, فأنا كثيرة السرحان والشرود, وأصبح عندي خوف من الأمراض, ومنذ حوالي سنة عملت في صيدلية أحد أصدقائي مساعدة, رغم عدم رضاي عنها؛ لأنها بعيدة كل البعد عن دراستي, لكني لم أجد غيرها, ووجدت فيها ملاذًا لشغل وقتي, ورغم ذلك مازال السرحان وعدم التركيز يلازمني, ويؤثر على عملي وعلى حياتي.

ومنذ حوالي شهر قام أحد معارف أبي بشراء سيارة لي - جزاه الله كل خير -
لصعوبة المواصلات علي, ولكن السرحان وعدم التركيز والقلق يجعلني أخطئ كثيرًا أثناء تمرين القيادة, وكنت أفكر في بقاء السيارة في الموقف, وعدم استعمالي لها لعدم قدرتي على التركيز, ولأن القيادة تحتاج إلى تركيز, وقد نصحني الطبيب في الصيدلية بأخذ أقراص تيبونينا فورت, فما رأي حضرتك؟

أعتذر عن الإطالة, ولكن لي استفسار أخير بخصوص علاقتي بأختي الصغرى فهي الآن في المرحلة الثانوية, وهى كثيرة الشجار معي, ولا تسمع الكلام, ودائمًا تضايق والدتي بعنادها, ورغم أنها في معظم الأحيان تكون مخطئة بحقي, إلا أني أذهب لمصالحتها, فهي ترى أني ضعيفة الشخصية, وأصبحت أنا أيضًا أرى ذلك, وعندما تخطئ في حق أحد لا تعتذر, وأنا أحاول قدر استطاعتي مساعدة أمي في أمور البيت, أما هي فلا تريد عمل شيء, وهذا يكون هذا سبب الشجار أغلب الأحيان, فكيف نتعامل معها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نادية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

بارك الله فيك, وجزاك الله خيرًا، ونشكرك كثيرًا على تواصلك مع إسلام ويب.

أيتها الفاضلة الكريمة: صبرك على الابتلاء حين بترت قدمك جعلني أستبشر خيرًا؛ لأن المستقبل - بإذن الله تعالى - لك، وهذه القدم التي بترت أسأل الله تعالى أن تسبقك إلى الجنة، ودعاءك وطلبك من الله تعالى أن يفرج كرب أهلنا في سوريا وفلسطين وجميع بلاد المسلمين، ونسأل الله تعالى أن يستجيب الدعاء هذا, وجميعنا نرفع أكفنا ونلهج بنفس الدعاء, ونسأل الله تعالى لهم الصبر, وأن يفرج كربهم وكرب جميع المسلمين.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنت إنسانة صلبة صامدة, وقوية, ومؤمنة, ومفعمة بالأمل والرجاء، وهذه سمات استطعت أن استخلصها من رسالتك، وهذه قواعد صلبة وجوهرية يفتقدها الكثير من الناس، فأنا مطمئن لك تمامًا, وما تعانين منه الآن من سرحان وشرود فأعتقد أنه ناتج من شيء من عسر المزاج الذي لم يصل لمرحلة الكرب والكدر - والحمد لله -, وعسر المزاج هذا تتخلصين منه من خلال تذكرك لوقوفك بقوة وصلابة لمواجهة مرض السرطان، وهذا يحمد لك, ويجب أن يكون دافعًا وباعثًا للأمل والرجاء فيك، واطرحي دائمًا أفكارًا إيجابية, فهذا - إن شاء الله تعالى - يجعلك تتخلصين من هذا السرحان ومن هذا الشرود, فأنت بفضل من الله مؤمنة، وحسن ظنك بالله تعالى سوف تكون - إن شاء الله تعالى - نتائجه ذات فائدة عظيمة من رب العزة لك.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنا أرى أن أقراص تيبونينا فورت لا بأس بها, لكن لماذا لا تتناولين محسنًا للمزاج؟ فعقار مودابكس وسيرتللين جيد وطيب وممتاز, وأنت لا تحتاجين إليه لمدة طويلة, وإنما لمدة ثلاثة أشهر, ومن وجهة نظري ابدئي في تناوله بنصف حبة يوميًا لمدة عشرة أيام, وبعد ذلك اجعليها حبة كاملة لمدة شهرين, ثم اجعليها نصف حبة لمدة أسبوعين, ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين, ثم توقفي عن تناول الدواء، ولا تترددي أبدًا في قيادة السيارة, وجزى الله خيرًا صديق والدك هذا, وأنت لديك مقدرات تعويضية, نسميها بالمقدرات التعويضية, فقد استطعت بكل قوة وشجاعة وشهامة أن تتخلصي من صعوباتك, فقيادة السيارة أمر سهل وبسيط جدًّا لمن هن أمثالك، هذا من ناحية.

أما من ناحية أختك: فأنت - إن شاء الله تعالى - تكوني خير مرشد لها, وخير معين لها, وحين يتحسن مزاجك بعد تناول الدواء, سوف تستطيعين الصبر عليها, واجعليها صديقة لك، ووجهيها, واجعليها تستطيع أن تتعامل مع غضبها، وأرجو أن تجعليها تطَّلع على ما ورد في السنة المطهرة من كيفية مواجهة القلق والغضب, واجعليها تغير مكانها حين تغضب, فإذا كانت وافقة فلتجلس, وإذا كانت جالسة فلتقف, وأن تتفل ثلاثًا عن شقها الأيسر, وأن تتوضأ لتطفئ نار القلق والغضب والشجار، فهذا يفيدها كثيرًا, وفي نفس الوقت دربيها على تمارين الاسترخاء, ويمكنكما أن تطبقا هذه التمارين مع بعضكم, وإسلام ويب لديها استشارة تحت رقم (2136015), والتعليمات التي فيها بسيطة وجيدة ومفيدة - إن شاء الله تعالى - وساعديها في كيفيك إدارة وقتها, وخصصي وقتًا للقراءة, ووقتًا للراحة, ووقتًا للرياضة - أي نوع من الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة - ووقتًا للترفيه بما هو طيب وجيد, ومن خلال ذلك فإن غضبها وشجارها سوف يخف كثيرًا, وعليكم أيضًا بالتركيز على الجوانب الإيجابية فيها, وحاولي أن تنميها، ودائمًا أكثري من الثناء عليها, فهذا يفيدها ويجعلها أكثر ثقة بنفسها، وحين يكون مزاجها حسنًا فكلميها عن بر الوالدين, وأن والدتكم الآن في حاجه أكثر لكما بعد أن توفي والدكم إلى رحمة الله, وهكذا, وأعتقد أنه من خلال هذا سوف تستطيعين أن تساعديها كثيرًا.

ولمزيد من الفائدة انظري علاج التشتت وعدم التركيز سلوكيا :(226145 _264551 - 2113978).

بارك الله فيك, وجزاك الله خيرًا، ونشكرك كثيرًا على تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً