الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بضعف الثقة والخجل، ما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم

أشكركم على هذا الموقع الرائع، وأسأل الله تعالى أن يكون ما تقومون به من خير تجاه الناس في ميزان حسناتكم، آمين.

لدي قصة طويلة مع الاكتئاب، فقد أصبت به أول مرة عندما وصلت 19 من عمري، وكان سببه الرئيسي ضغوطات في البيت، ومع أصدقائي، لم أكن أجيد شيئاً اسمه التواصل، أجيب بأجوبة في غير محلها، وكنت اندفاعياً وقلقاً، وكنت لا أفهم كيف تسير أمور الحياة، ولا أفهم مواقف أواجهها في الحياة، وأتخذ قرارات خاطئة.

كنت أتصرف دون أن أستخدم عقلي، وكنت أفهم مواقف وأمور الحياة بشكل خاطئ، لكن مع كل هذا كنت متفوقاً فيما يخص الدراسة، ولم أكن أظن يوماً أنني على خطأ، حتى أصابني الاكتئاب أول مرة، فذهبت عند طبيب متخصص في الطب العام، لم أذهب لطبيب نفسي، فقلت له عندي أعراض، منها: اختلال الآنية، وعدم الشعور بالواقع، والخوف والتخبط في الكلام، والخمول والكسل والانعزال، فأعطاني دواء اسمه العلمي (سرترالين) واسمه التجاري (نوديب)، لم أتصور يوماً أن حياتي ستكون رائعة.

بعدما استعملت الدواء مدة شهر أصبحت شخصاً آخر، مدركاً لأمور الحياة، إنساناً عاقلاً، أعرف ما أقول وأتصرف بالشكل الصحيح دائماً.

أصبحت مثل الناس كافة، ولم يعد أي مشكل في التواصل الاجتماعي، وصرت أعرف كيف أتصرف، وبقيت هكذا لمدة 10 أشهر تقريباً، حتى تخرجي من إحدى مراكز تكوين الأساتذة ببلدنا، تخرجت منه الآن -والحمد لله-

أنا أعمل الآن في مناطقة ببلدنا، علماً أن عمري الآن 21 سنة، مشكلتي الآن هي أنه مؤخراً قبل 5 أشهر كنت بالرغم من كل الأشياء التي تحسنت في حياتي، كان يغضبني أمر واحد هو أنني كنت أظن أن شخصيتي ضعيفة، من ناحية نبرة الصوت وبعض الخجل القليل، وظننت أنني لا أفرض وجودي جيداً كما يفعل الآخرون.

هذه الأشياء استنتجتها من أنني لا أملك أصدقاء كثر، وليس النوع الذي أريد من الأصدقاء، ولا يهتم لأمري بعض الأصدقاء، لم أحتمل تلك الوحدة، فقررت أن أقوي شخصيتي بنفسي، قرأت عن الشخصية ومكوناتها البيولوجية والوراثية.

كنت ألاحظ بعض الشخصيات، والأصدقاء الذين كنت أظن أنهم أقوياء الشخصية، لكن لم أحاول تقليدهم، أردت أن أبقى أنا ولكن أحارب الخوف وأرفع صوتي، وأقوي نبرة صوتي، لكنني سقطت في مشكل صعب، وهو سبب معاناتي الآن، والتي سوف أذكرها، هو أني كلما حاولت ذلك أتلعثم، فأصمت وأخجل خجلاً شديداً، ويؤنبني ضميري، وأحاول محاربة هذا التلعثم، لكن بدون جدوى! استمريت في هذه المحاولات مدة شهر ونصف تقريباً،

أصابني منذ مدة 5 أشهر تقريباً الآتي:
متوتر ومرتبك بشكل دائم، غير قادر على التصرف الصحيح في أي موقف أتعرض له، لا أعرف كيف يجب أن أتصرف، أحس بأن عقلي فارغ، أحس أنني لا أتعايش مع الواقع بالصورة الصحيحة، وساوس فكرية وتداخل في الأفكار وعدم التفكير والتركيز والراحة في عمل شيء.

أشعر أنني سأفقد السيطرة على أفعالي في بعض الأحيان، وأشعر وكأن عملياتي الذهنية توقفت، ليس لدي أي إحساس، أشعر بأن طريقة تفكيري ذهبت، وطريقتي في التصرف وفهم الأمور ولم أعد أنا؟! عند الحديث أجد صعوبة في توصيل فكرة أو تفسيرها، وتوصيلها، أشعر بعرقلة في عقلي، ولا أستطيع اتخاذ قرارات، ومرات كثيرة أحس بضيق شديد واكتئاب وقلق على حالتي، وتوتر دائم وعدم اتزان

أحس أنني بلا هدف بعد أن كانت لي أهداف كثيرة، ولا مبالاة، وعزلة وانطوائية، وأحس أنني لست أنا، لدي صعوبة في الفهم والتركيز، والحكم على الأمور.

لا أستطيع أن أعطي تعليقاً على شيء، وأخطئ كثيراً في حق الأصدقاء بعض الأحيان، وأسيء فهمهم ولا أتعامل بطريقتي المعتادة، وأشعر بأني أصبحت بليداً تائهاً مرتبكاً عند أي موقف.

ما تشخص ما أعانيه؟ هل هو اكتئاب فقط أم حالة نفسية غريبة؟ لأنني لم أصدق أنه اكتئاب، لأن الاكتئاب الذي أصابني في المرة الأولى لم يأت بهذه الأعراض الذهنية، ماذا أعاني بالضبط؟ وهل لا أمل لي في الشفاء؟ وهل دواء زيبركسا مفيد في حالتي؟ لقد قرأت عنه لكن لم أتناوله قط، ما هو العلاج المناسب لحالتي؟ وكيف أقوم به؟

علماً أنني لا أستعمل أية مخدرات، أستعمل السيجارة مرات قليلة، لكن الآن أدخن ما يزيد عن 20 سيجارة في اليوم بسبب هذا الحال لقد تعبت احس بالشلل والعجز والخوف وضعف كبير في الشخصية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ said حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

أشكرك على رسالتك الواضحة والمفصلة والطيبة جدًّا، وأنا أقول لك قد خطوت خطوات علاجية إيجابية جدًّا، لتعالج حالة قلق الوساوس الذي تعاني منه، والذي كثيرًا ما يكون مصحوبًا بالمخاوف، ونوع من الاكتئاب الثانوي.

عقار سيرترالين لا شك أنه دواء رائع وممتاز، لكن في كثير من الأحيان الجرعة ذات الفعالية يجب ألا تقل عن حبتين أو ثلاث حبات في اليوم، لمدة لا تقل عن شهرين إلى ستة شهور في بعض الأحيان، عمومًا سوف أتكلم عن الدواء في وقت لاحق.

الآن أكثر ما يزعجك هو أمران: إحساسك بضعف الشخصية، والأمر الثاني: تشكك حول التشخيص، وإن كنت تعاني من غير القلق والوساوس كالأمراض الذهانية أو الاكتئاب النفسي مثلاً.

أؤكد لك وبصورة قاطعة أنك لا تعاني من حالة ذهانية، أو أي نوع من الاضطراب العقلي، هو فقط القلق الوسواسي المصحوب بالاكتئاب، وأنا أقول لك: في مثل هذه الحالة أنت محتاج أن ترفع جرعة السيرترالين إلى حبتين في اليوم على الأقل (مائة مليجرام) تستمر عليها بانتظام شديد، وتكون مدة العلاج هي ستة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة، بعد ذلك تخفض الجرعة إلى حبة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم تجعلها نصف حبة يوميًّا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

يفضل أيضًا أن تتناول في بداية العلاج عقار (فلوناكسول/فلوبنتكسول) تناوله بجرعة حبة واحدة صباحًا لمدة شهر، ثم توقف عنه، وقوة الحبة هي نصف مليجرام، وهو عقار داعم.

بالطبع السيرترالين ليس من المستحسن تناوله بجرعة حبتين في بداية الأمر، ابدأ بجرعة صغيرة، نصف حبة في اليوم لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة لمدة شهر، ثم اجعلها حبتين في اليوم، هذا إن كنت بالفعل قد توقفت من السيرترالين، ابدأه بهذه الصورة التي ذكرتها، وواصل عليه على نفس النهج، ويجب أن تُكمل مدة العلاج، وأن تكون الجرعة جرعة صحيحة، وهذا هو الذي سوف يفيدك - إن شاء الله تعالى -.

الأمر الآخر متعلق بشعورك بضعف الشخصية: ضعف الشخصية (حقيقة) سمة من سمات الاكتئاب النفسي، الإحباط يجعل الإنسان يقدر مقدراته بصورة سلبية جدًّا للدرجة التي قد تصل إلى تحقير الذات، وهذه مشكلة كبيرة جدًّا، وهذا يتم التعاطي معه من خلال التفكير الإيجابي، ومن خلال ألا تحكم على نفسك بمشاعرك، أبدًا، احكم على نفسك بأفعالك، والأفعال يمكن أن تُدار ويُنجز الإنسان ما هو طيب من خلال حسن إدارة الوقت.

أيها الفاضل الكريم: التطبيقات العملية اليومية للأنشطة المختلفة ويكون شعارك أنك ستكون نافعًا لنفسك ولغيرك، هذا يحسّن رصيدك المهاراتي التطبيقي العملي، وهنا تتغير المشاعر لتصبح مشاعر إيجابية جدًّا، ودائمًا انظر إلى الجوانب الإيجابية التي لديك، وبالطبع لا تنسى ما هو سلبي من أجل إصلاحه. الرفقة الطيبة الصالحة، والتمثل بالرموز الفاعلة في الحياة لاشك أنه وسيلة عظيمة جدًّا لبناء النفس.

هذا هو الذي أود أن أذكره لك، ورسالتك طيبة، وأرجو أن تكون إجابتنا أيضًا مفيدة لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً