الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الوسواس والقلق، فهل يناسبني العلاج الذي وصفه الطبيب؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

من يفعل الخير لا يُعدم جوازيه ** لا يذهب العرف بين الله والناس

منذ فترة كنت أتعالج من القلق بدواء يسمى ديميترول، وهو مكون من اميتريبيتلن، وكلورديازبيوكسيد، وقمت بقطع الدواء بشكل تدريجي؛ لأنه أصبح غير موجود في سوريا، بعدها أصابني القلق والخوف وشعور بعدم الراحة.

ذهبت إلى طبيب نفسي فقال: أنت مصابة بالقلق الاكتئابي، وأعطاني دواء اسمه تربيتوفين عيار 50، مكون من اميتريبتلين، أول عشرة أيام تحسنت، لكن فجأة أصبحت تأتيني أفكار غريبة تتعلق برغبة في الصراخ وضرب من حولي، بالإضافة إلى أني كنت أشعر بوجود صوت في داخلي يحدثني، وأصبحت أشعر بالخوف، وكانت تأتيني أفكار وسواسية تتعلق بالدين وهي مزعجة للغاية، وكنت أتخيل في رأسي صوراً قبيحة وبشعة، وأصبحت إذا قرأت عن مرض نفسي أخاف أن يصيبني، وإذا قرأت أعراض أي مرض أشعر بأن هذه الأعراض تحدث معي، أخاف جداً من أن أخلط الخيال بالواقع، وتأتيني أفكار مزعجة مثل أني أمتهن غير مهنتي كبائعة خضار، وأنزعج جداً منها.

ذهبت إلى طبيبي النفسي وأخبرني أن هذا وسواس نتيجة القلق، ورفع لي عيار الدواء إلى 100، وقال: تحتاجين إلى 6 أسابيع كي تشعري بالتحسن.

مشكلتي هي في عملي؛ حيث أذهب إليه كل يوم وأقف أمام طلبتي، وأخشى أن أتصرف بطريقة غير لائقة أمامهم، فأرجو المساعدة السريعة.

السؤال: هل حالتي خطيرة؟ هل التشخيص صحيح؟ كم هي مدة العلاج للقلق والوسواس؟ وهل يمكن أن أشفى منه؟ وهل الدواء هذا مفيد وفعال؟ مع العلم أني أتبع العلاج بالقرآن الكريم بسورة البقرة ويس ويوسف.

لكم جزيل الشكر، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسماء الشام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

هذه الأفكار الوسواسية التي استحوذت عليك مثل: الأفكار المتعلقة بالدين، والأفكار التي تدعوك إلى العنف حيال الآخرين، والأفكار التي تقول أنك امتهنت بيع الخضار ...وهكذا، هذه -أيتها الفاضلة الكريمة– كلها أفكار سخيفة، وبفضل من الله تعالى صاحب الوساوس لا يتبعها، خاصة إذا كانت ذات طابع عنفي، فأرجو أن تطمئني تمامًا، ولكن عليك حتى تساعدي نفسك أن تحقري هذه الوساوس، وألا تتبعيها، وألا تناقشيها، وألا تحلليها، وألا تشرّحيها، وألا تخضعيها للمنطق، لأنها أصلاً غير منطقية، ولا تُسهبي فيها، ولا تتفحصيها، وتجنبي الإسهاب والدخول في تفاصيلها، هذا مهم -أيتها الفاضلة الكريمة–. أعرفُ أن ذلك ليس بالسهل، لكنه ليس مستحيلاً، ومن خلال التصميم والعزيمة والقوة والشدة في رفض الوساوس -إن شاء الله تعالى– تصلين إلى ذلك.

اصرفي انتباهك أيضًا من خلال تطبيق تمارين الاسترخاء، هذه التمارين ضرورية ومفيدة جدًّا، وتفيد كثيرًا من يعانون من الوسواس، وموقعنا لديه استشارة تحت رقم (2136015) أرجو أن ترجعي إليها وتطبقي الإرشادات التي وردت بها، -وإن شاء الله تعالى- سوف تكون معينة لك في إضعاف حدة هذه الوساوس، وذلك من خلال التطبع على الاسترخاء، لأن الاسترخاء أصلاً ضد الوساوس.

بالنسبة للعلاج الدوائي، أحسن الطبيب عندما اختار لك دواءً يُعالج القلق والوساوس ويحسن المزاج في الوقت نفسه، والبناء الكيميائي في بعض الأحيان يحتاج لوقت، فلا تستعجلي النتائج، ففي نهاية الأمر -إن شاء الله تعالى– أحوالك سوف تكون طيبة جدًّا.

بعد قضاء أسبوعين أو ثلاثة من الآن إذا لم تتحسن حالتك فراجعي الطبيب مرة أخرى إذا كان ذلك ممكنًا، ويمكن أن يدعم هذا الدواء بدواء آخر، مثلاً يُضيف عقار (فلوكستين) بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، أو عقار (رزبريادون) بجرعة واحد مليجرام ليلاً، أو عقار (فلوبنتكسول) بجرعة نصف مليجرام صباحًا ومساءً، سوف يكون الخيار للطبيب، فقط ذكرت هذا لأوضح لك أن المجال كبير جدًّا، وأن الخيارات العلاجية كثيرة جدًّا وموجودة، وفي نهاية الأمر -إن شاء الله تعالى– ستزول عنك هذه الوساوس.

لا تقلقي أبدًا، -الحمد لله تعالى- الآن الأدوية أصبحت عاملاً أساسيًا بل ارتكازي في علاج الوساوس القهرية؛ لأن الدواء يُمهد للإنسان لأن يُطبق التطبيقات السلوكية أيًّا كانت هذه التطبيقات، من رفض للفكرة، وتحقير للوساوس، وصرف الانتباه عنها وتجاهلها واستبدالها بفعل أو فكر آخر، هذا كله يُمهد له الدواء، -وإن شاء الله تعالى- أنت وصلت لهذه المرحلة، وأنا على ثقة تامة -وبإذن الله تعالى- أن هذا الوسواس سوف ينتهي منك.

بالطبع أنا سعيد أن أسمع أنك تقرئين القرآن، وتحافظين على صلاتك في وقتها –هذا هو المهم–، وعليك بالدعاء والذكر.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً