الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضحيت مع زوجي وبذلت فقابلني بالبعد والقسوة!

السؤال

السلام عليكم.

تزوجت من رجل لم أكن أعرف عنه أي شيء، لقد أخفى عني كل الحقائق، وكان كتوماً، غامضاً، متحفظاً على كل شيء، أمرني بعدم سؤاله: أين سيذهب؟ ومع من؟ ومتى سيعود؟ وإلى أين يسافر؟ حاولت معه بشتى الوسائل والطرق ولكنه يرفض النقاش في كل مرة، ويخرج غاضباً ولا يعود قبل أن يمضي عليه 9 أو 10 ساعات، ويعود غاضباً بدون أي كلام لأيام وأحياناً لأسابيع.

كنت أهديه الهدايا: العطور، والثياب، والسفرات، واستخرجت لأجله 3 قروض من البنك، واشتريت له سيارة، ويتغير معها ليوم أو اثنين ثم يعود لوضعه.

أصيب بمرض عضوي فتركت كل شيء وبدأت بمعالجته، وذهبت به إلى أكثر من مدينة وشيخ وراق، كنت أقوم بمعالجته بنفسي إلى أن بدأ يتحسن، ثم نسي كل شيء.

في خلال الثلاث السنوات التي عشتها معه رزقت منه بطفلين، وتحملت مصاريف الأطفال من أول يوم وإلى الآن، وهو لم يتذكرهما بشيء نهائياً.

في آخر المطاف اكتشفت بأنه كان متزوجاً من أخرى قبل زواجه مني، ولكنه انفصل عنها أثناء خطبتي وزواجي ثم عاد إليها، هي إنسانة تغرقه بالمال والعطايا؛ حيث إنه لا يرى تضحياتي له شيئاً.

عندما واجهته وذكرته بمواقفي معه -حتى إني تركت أهلي وذهبت معه لمدينة بعيدة لا يوجد فيها أحد أعرفه- قال لي: أنا لا أريد أطفالاً، أنا أريد زوجة لمتعتي فقط، وبما أنك أنجبتيهما فاهتمي واصرفي عليهما!

أنا وطفلاي الآن لوحدنا في هذه البلدة، وهو كثير السفر، ولا يكلمنا ولا يعطينا شيئاً، ماذا أفعل؟ وكيف أتصرف؟ لقد قال لي: لن أطلقك، ولكن لو أردت حريتك ارفعي قضية خلع حتى أسترد المهر وآخذ الطفلين منك. ساعدوني فحياتي صعبة، ولكن لا أستطيع أن أتخلى عن طفلّي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ همس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة-، ونسأل الله أن يجيرك في المصيبة، وأن يعوضك خيراً، وأن يلهمك السداد والرشاد، وكما تمنينا لو أن الآباء والمحارم يسألون عن أمثال هؤلاء الرجال حتى يتعرفوا على حقائقهم.

على كل حال: فإنك مأجورة على ما قمت به من عمل تجاه هؤلاء الصغار، ونتمنى أن تتعاملي معه بحكمة وذكاء، وتحاولي أن تستخلصي منه قدر ما تستطيعين، استعيني بالله تبارك وتعالى في إكمال بقية الواجبات وبقية المهام الأسرية، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على كل أمر يرضيه.

كنا نريد أن نعرف إيجابيات هذا الرجل، علاقته بالله تبارك وتعالى، أيضاً علاقته بالآخرين، هل هذا الغموض مع جميع الناس، أم معك وحدك؟ وما هي الأشياء التي يمكن أن يساعد بها في لحظات وجوده؟ هل يساعد بشيء حتى لو بحمل العيال أو مداعبتهم؟ كيف علاقته بأطفاله الصغار؟ وهل يستطيع أن يتولى أمرهم وهو يهددك بأن تخلعي نفسك ويأخذ منك الأطفال؟ هل يستطيع أن يتحمل مسؤولية؟ إذا كان لا يستطيع أن ينفق عليهم فكيف سيتحمل مسؤوليتهم كاملة؟!

على كل حال: نحن لا نريد ألا تستعجلي الفراق، ولكن نريد أن تكثري من المحاولات، وتوجهي إلى رب الأرض والسماوات، وتنظري للقضية من كافة أبعادها وجوانبها، واستشيري من حضرك من العاقلات الفاضلات من محارمك، واعلمي أن الله تبارك وتعالى يبتلي الإنسان ولكن أحياناً الخير يأتي بصبره واحتسابه، وقد تؤثر هذه المواقف الإيجابية التي قمت بها.

نتمنى مستقبلاً أن تنتبهي لمثل هذه المواقف، وتحاولي أن يكون تحركك بمقدار، وحاولي أن تعرفي مواطن التأثير على شخصيته حتى تستطيعي أن تستفيدي منها جهدك.

نؤكد لك أن المرأة الذكية مثلك تستطيع أن تختار الأوقات، وتستطيع أن تأخذ من زوجها بقدر ما تستطيع؛ لأنها تنتقي الكلمات، وتختار الأوقات، وتحسن المدخل إلى قلب الزوج.

نؤكد لكل امرأة أن الرجل ما هو إلا طفل كبير، والمرأة عليها أن تستخدم ما وهبها الله من أنوثة ومهارات في التأثير على زوجها، وأرجو أن تكون علاقته بالله وثيقة، وهذا ما ينبغي أن تبدئي به.

ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً