الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والدي يعاني من اكتئاب شديد وفكره مشوش.. أرجو المساعدة

السؤال

السلام عليكم
جزاكم الله على مجهوداتكم خيرًا.

أرجو منكم المساعدة، فأنا وعائلتي في حيرة من أمرنا، والدي البالغ من العمر 60 سنة، يعاني من حالة اكتئاب شديدة جدًا، وقد بدأ المرض منذ مايو الفارط، حيث لاحظنا انزوائه في البيت، وحالة حزن تبدو عليه مع حديثه المتكرر أنه سيموت، وكان مقتنعًا بما يقوله، فنصحنا قريبا لنا بحمله لمصحة خاصة قضى فيها 13 يومًا، وشخص الطبيب النفسي مرضه باكتئاب حاد، ووصف له أدوية deroxat respiredone anafranil.

حين عاد للبيت قضى بضعة أيام وساءت حالته، وقام بمحاولة انتحار متناولاً جرعة كبيرة من دواء ستيلنوكس، وهو منوم غير خطير، وبحكم الظروف المادية حملناه إلى مستشفى حكومي للأمراض العقلية قضى 25 يومًا، وتحسنت حالته مدة شهر واحد، شهر رمضان، وهو يتناول الآن Esoprex raxidone temesta.

منذ شهر عادت حالته لتسوء رغم رجوعه مرتين لمستشفى الأمراض النفسية الحكومي، فقد أصبح رافضًا لممارسة أي نشاط، وهو طوال اليوم شارد الذهن، ويقول إنه يحس نفسه كشخص في بئر عميقة، وتفكيره مشوش، والحالة الغريبة أنه قبل المغرب بساعات وبعده يصاب بحالة من خفقان القلب بشدة، ويصبح يلهث، وتحس كأنه شخص مخنوق، ويخبرنا أنه سيموت، ولاحظت أفكارًا انتحارية تراوده، لكنه يقول: إنه لن يفعلها، ملاحظة: أبي مريض بالقلب، ويتناول دواء Sintrom.

أرجو منكم المساعدة، فقد احترنا ماذا نفعل؟ وأنا بصدد التفكير في عرضه على طبيب جديد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على تواصلك مع إسلام ويب واهتمامك بأمر والدك.

من الواضح جدًّا أن والدك تعاني من اكتئاب بسيط من النوع الأساسي والمتجذر، وهذه الحالات تحتاج بالفعل لرعاية نفسية متواصلة.

الذي أراه هو أن يواصل والدك مراجعة طبيبه النفسي، الحالة واضحة جدًّا، وليس هنالك ما يدعو لتغيير الطبيب، فما دام الطبيب الذي قام بفحصه مؤهلاً، ولديه خبرة في علاج هذه الأمراض، فلا داعي لأي نوع من المتاعب الجديدة، إلا إذا كان ليس لديكم قناعة كاملة بمقدرة الطبيب، في هذه الحالة لكم الخيار تمامًا في أن تختاروا طبيبًا آخر.

بالنسبة لرعايته من ناحيتكم: من أهم الأشياء إشعاره بأنه لا زال شخصًا فعّالاً، وأنه مرغوب فيه، وأن دوره في الحياة لم ينته، هذه الثلاثة الأمور مهمة جدًّا، يجب أن يُستشار حتى في الأمور البسيطة، اجلسوا معه، ساعدوه، حثوه على قراءة القرآن، وأن يصلي الصلاة في وقتها، تحدثوا معه حول الأمور التي يحبها، ويا حبذا لو قام بزيارة أصدقائه السابقين، أو هم قاموا بزيارته، ساعدوه في التواصل الاجتماعي حول المهام الاجتماعية كالأفراح والأتراح.

هذا مهم – أيها الفاضل الكريم – من الناحية التأهيلية؛ لأن أسوأ ما في الاكتئاب النفسي، أنه يقلِّص تمامًا مشاعرك وآمالك حول دورك في الحياة، وهذا هو الذي يجلب الفكر الانتحاري.

بالنسبة للعلاج الدوائي: -الحمد لله تعالى- توجد أدوية فعّالة جدًّا الآن، ومضادات الاكتئاب تفيد ولا شك في ذلك.

الأدوية التي ذكرتها والتي يتناولها الوالد: هذه المسميات مسميات تجارية، أعتقد أن الـ (Esoprex) هو الـ (إستالوبرام)، والـ (raxidone) ربما يكون هو (رزبريادون)، والـ (temesta) هو (السلبرايد)، وكلها أدوية جيدة، لكن ربما تكون هنالك أدوية أكثر فعالية، مثل الـ (ديولوكستين) والذي يعرف باسم (سيمبالتا)، أو الـ (فلافاكسين)، والذي يعرف باسم (إفيكسر)، والآن عقار (سوركويل)، والذي يُعرف باسم (كوابتين) يستعمل أيضًا في علاج مثل هذه الحالات كعلاج إضافي.

وأود أن أذكر لك – أيها الفاضل الكريم – أيضًا أن العلاج الكهربائي في مثل حالة والدك ربما يكون مفيدًا، قطعًا أنا لا أقول أنه يجب أن يقوم بهذا العلاج بصورة قاطعة، فأنا لم أقم بفحصه، لكن ما دام الاكتئاب مطبقًا ولديه أفكار سلبية حول الحياة، وأنه لا يبغي الاستمرار فيها، هنا أعتقد أن العلاج عن طريق الجلسات الكهربائية البسيطة ربما يكون مفيدًا.

ارجعوا إلى الطبيب، شاوروه، وواصلوا في العلاج، واتبعوا ما ذكرته لكم حول مساعدته وتأهيله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله له العافية والشفاء، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً