الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخجل الشديد من نظرات الناس أثر على حياتي ودراستي!

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالب في المرحلة الثانوية عمري 18 لدي خجل غير طبيعي لا يذهب عني، وتوتر، وقد أواجهه يوميًا ولا يذهب، حيث إني أكره التجمعات، وقبل أن أذهب لأي مكان يأتيني توتر وارتباك، وأتعرق كثيرًا، وجميع الأشخاص في المدرسة ينظرون لي ويقولون: لماذا أنت معصب؟ والحقيقة أني إذا دخلت مدرستي تتغير ملامح وجهي تلقائيًا من الارتباك والتوتر، وكذلك يأتيني بعض الأحيان حالة كأنني سيغمى علي، فقط في التجمعات!

ليس لدي أصدقاء، فكلهم ذهبوا عني، وأيضًا أخجل جدًا من أي شخص ينظر إلي وأنا أقود السيارة؛ فأضع تظليلًا في السيارة -وهو ممنوع مروريًا-، وإذا وضعته ارتحت من نظرات الناس، وقد حدث لي موقف بالأمس أثر على نفسيتي بشكل كبير، فقد مررت على نقطة تفتيش مرور، واستوقفني العسكري، وفك التظليل من السيارة، وأعطاني مخالفة.

أنا الآن لا أذهب إلى أي مكان، حتى المدرسة لا أذهب إليها، وحتى إذا ركبت مع أحد من الأشخاص تأتيني نفس الحالة، علمًا أنني في آخر سنة في المدرسة، وسأتخرج بعد شهرين بإذن الله، وأنا أصلي جميع الصلوات في وقتها، وأقرأ القرآن مرة في الأسبوع.

أريد أن أجتهد في دراستي، لكن هذه الأمور تعيق طريق الاجتهاد علي؛ فأنا كثير الغياب وهذا يؤثر.

أريد أي علاج لي.

وشكرًا, ودمتم بسلام.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أيها الفاضل الكريم: أنت لديك نوع من الخجل الاجتماعي –كما تفضلت وذكرت– وأتمنى أيضًا أن يكون فيه جزء كبير من الحياء، لأن الشخص الحيي لا شك أنه شخص صالح -بإذن الله تعالى– والحياء دائمًا مفتاح للخير مِغلاقٌ للشر. فيا أيها الفاضل الكريم: لا تنظر لنفسك بصورة سلبية.

الخجل كثيرًا ما يكون مرتبطًا أيضًا بالرهاب الاجتماعي، وأعتقد أن لديك درجة بسيطة من الرهاب الاجتماعي.

الإشكالية أنك قد قمت بتحفيز وتثبيت هذا الخوف الاجتماعي من خلال وضع التظليل على السيارة، هذا مُحفِّز كبير ومثبت كبير للخجل الاجتماعي؛ لأنه يُساعدك على التجنب، وهذا خطأ. الحمد لله تعالى الآن بعد أن أمرك العسكري (الشرطي) بإزالة التظليل يجب أن تقبل بهذا، لأن هذا هو الوضع القانوني الصحيح، وفي ذات الوقت تتخذ هذا الوضع كوسيلة لعلاج حالتك، وتنظر إلى الناس وينظرون إليك، وتتواصل اجتماعيًا، وتُشارك الناس مناسباتهم، وقم بزيارة الأهل، والأرحام، واحرص على الصلاة في المسجد في الصف الأول، ومارس الرياضة الجماعية مع أصدقائك...هذا هو العلاج، أما الانزواء والتجنب والخوف فهذا لا فائدة فيه، وأنت ليس لديك علة تُنقصك عن الآخرين، هو مجرد فكر سلبي رهابي جعلك تُفكِّر على هذا النمط.

إذًا العلاج هو بالتعريض والتعرض لمصادر الخوف، ورفضها معرفيًّا ونفسيًّا، والانخراط في أنشطة الحياة العادية، هذا يُعالج حالتك تمامًا.
اجتهد في دراستك لتكون من المتميزين، وشارك زملاءك الطلاب في أنشطتهم الأكاديمية وغير الأكاديمية، وكن دائمًا في الصفوف الأولى في الفصل أو الصف، وانظر إلى الآخرين في وجوههم، واعرف أن تبسُّمك في وجه أخيك صدقة. هذا هو العلاج، أما التجنب فإنه يجعلك منغلقًا على ذاتك، وهذا ما لا نريده لك.

هذه الحالات ننصح فيها أيضًا ببعض الأدوية المضادة للمخاوف، ولكن نسبة لسِنِّك أعتقد أنك تستطيع أن تتجاوز هذه المخاوف بشيء من التدريب السلوكي الذي ذكرته لك، أما إذا صعب عليك الأمر فأرجو أن تذهب وتقابل الطبيب النفسي؛ ليصف لك جرعة صغيرة من أحد الأدوية المضادة للخوف والرهاب الاجتماعي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أوروبا عادل

    لقد قدمتم لنا أجرا كبير شكرا على هذه نصائح

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً