الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحببت زميلتي لكنها ترفض الزواج مني، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولًا: بارك الله فيكم على ما تقدمونه للعباد، وجزاكم الله خيرًا.

ثانيًا: أتمنى أن تعطوني سعة الصدر، فأنا في حيرة من أمري لا يعلمها إلا الله، ولا أدري ماذا أفعل! وأتمنى أن تعذروني على الإطالة.

أنا طالب في السنة الأخيرة من الدراسة الجامعية، طوال أعوام الدراسة لم أتعامل مع زميلاتي، وأتجنب الحديث معهن، أو إقامة ما يسمى بعلاقة الزمالة، وذلك لسببين:
1- من الناحية الشرعية، وحفاظًا على نفسي من الفتن.
2- لأني خجول نوعًا ما وأحاول التغلب على ذلك.

منذ سنة أعجبت بإحدى زميلاتي وهي في عمري ومعي في الكلية، أحسبها على خير، فهي لا تتحدث مع الشباب مطلقًا، محتشمة في لبسها، وحريصة على نفسها وتصرفاتها أمام الشباب، وحقيقة لا أستطيع أن أحكم على تدينها إلا من مظهرها وسلوكها وسمعتها الطيبة، وانتقائها لصديقاتها اللاتي على شاكلتها.

منذ فترة وجدت في نفسي شيئًا نحوها، وبعد الاستخارة صارحتها بإعجابي بها وبأخلاقها، وكذلك رغبتي في التقدم لها وخطبتها، ولكني أريد معرفة رأيها قبل التقدم رسميًا لولي الأمر، في البداية فرحت الفتاة من رغبتي في الزواج منها، وأخبرتني أنها تؤجل فكرة الزواج، وتقدم لها الكثير قبل ذلك وكان يشهد لهم بحسن الخلق، وطلبت بعض الوقت للتفكير.

بعد عدة أيام ردت علي كالتالي: أخذت تشكر في أخلاقي وأنها استشارت والدتها وأخبرتها أني شاب حسن الخلق ولدي سمعة طيبة، وبالرغم أن الوالدة لا تعرفني إلا أنها رحبت بالزواج، لكن البنت لا تريد الزواج ولا تعرف السبب في ذلك! أخبرتها أني مستعد لانتظارها حتى تغير رأيها، لكنها طلبت مني ترك الموضوع حتى لا تعطيني أملًا زائفًا. حزنت وحاولت ترك الموضوع، لكنه ما زال يشغل تفكيري لعدم معرفة سبب الرفض!

في رمضان دعوت الله واستخرت، وقررت إعادة المحاولة مرة ثانية، وبالفعل تقدمت لها وأخبرتها أني ما زلت أفكر فيها، لكنها ردت علي بنفس الرد، وأنها ما زالت لا ترغب في الزواج، حاولت معرفة السبب وأخبرتني أن سبب الرفض ليس عيبًا في شخصيتي، لكنها لا تشعر نحوي بشيء ولا يوجد قبول، وقالت: قد يتغير رأيها حينما يتقدم من توافق عليه، مع العلم أنها رفضت غيري كثيرًا، وأثنت مرة أخرى على أخلاقي، وطلبت مني أن أترك الموضوع لأني أستحق فتاة أفضل منها.

حاليًا أشعر بالضيق والحزن الشديد رغم الاستخارة، ولا أستطيع صرف التفكير عنها، حائر: هل ردها ينهي الموضوع تمامًا؟ أم أحاول مرة ثالثة بعد فترة بطريقة أكثر فعالية، كأن تذهب والدتي لمقابلة والدتها؟ خاصة أن والدتها لا تمانع زواجنا، وقد يرق قلب البنت حينما تجدني مصرًا عليها، وهل محاولاتي السابقة التي لم تنجح هي رد على صلاة الاستخارة؟ وهل في ردها شيء من الجفاء بعد محاولتي الثانية؟ لأني توقعت أنها سوف تطير من الفرح حين تراني تقدمت لها مرة ثانية بعد شهور، وأني مصر على الزواج منها.

أفيدوني بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك -ابننا- في موقعك، ونشكر لك ثقتك بآبائك في موقعك، ونشكر لك الاهتمام، وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، ويصلح الأحوال، وأن يحقق في طاعته الآمال.

لا مانع من إرسال الوالدة، وتكرار المحاولة، فلا بد من حسم الأمر سلبًا أو إيجابًا؛ حتى لا تضيع عليك الأوقات، وحتى لا تمضي مع عواطفك مع من لا تريد أن تكمل معك المشوار، وسوف تكتشف أسباب رفضها للخطاب وقصتها الكاملة بعد ذهاب الوالدة إليهم، وسوف يكون في ذهاب الوالدة الخير الكثير بحول ربنا القدير.

وأرجو أن تعلم أن مدحك لأخلاقها وثنائها على أخلاقك؛ قد لا يكون كافيًا، فالرجل قد يعجب بأخلاق المرأة، ولا تتعدى مشاعره مسألة الإعجاب، ولكن الحب والانسجام والقبول والارتياح والانشراح مسألة أخرى، والتلاقي إنما يكون بالأرواح، وهي جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف.

ونحن ننتظر إفادتنا بنتائج زيارة الوالدة لوالدة الفتاة، واعلم أن للنساء فقهًا في تقييم الأمور وتقديرها، كما أن ذهاب الوالدة سوف يعطي الموضوع أبعاده الحقيقية، وينقل فكرة الارتباط إلى خطوات كثيرة إلى الأمام.

نحن سعداء بتواصلك مع موقعك، ونطمئنك بأنك لن تخسر شيئًا، والنساء كثير، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به، ولا نؤيد إكمالك الأمر إلا إذا أقبلت الفتاة عن قناعة تامة، والحياة الزوجية لا تقوم على المجاملات، ومشوارها طويل، ولا خير في ود يجيء تكلفًا، وليس عيبًا في الشاب أن ترفضه فتاة، كما أنه ليس عيبًا في الفتاة إذا رفضها شاب.

لا نستطيع أن نحكم على كلام الفتاة، وهي وحدها من تعرف حقيقة الأمر، والإنسان لا يعرف أين يكون الخير، لقوله تعالى: (وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم).

وهذه وصيتنا لكم بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به، وأن يلهمك السداد والرشاد، ونكرر لك الشكر، ونفرح بالاستمرار في التواصل لنواكب معك التطورات.

نسأل الله أن يوفقك ويرفعك عنده درجات.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً