الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مع أني أخطب أحيانا إلا أني أشعر بالرهاب الاجتماعي!

السؤال

عندي حالة لا تأتيني إلا إذا جالست أقاربي, أو إنسانا أشعر أنه أفضل مني، كمديري في العمل, أشعر بضيقة في الجلوس, وأن وجودي غير مناسب, وأتردد في الكلام, وكأني نسيت كل شيء، فلا أستطيع أن أتكلم.

شعور غريب جداً, مع أني أجيد الإلقاء، وألقي بعض الكلمات في المساجد والحمد لله, وأتقن تعليم الطلاب في المدرسة, لكني مع الأقارب والمسؤولين لا أحسن الكلام وأشعر بالضيق، فآمل منكم تشخيص حالتي, ووصف العلاج الناجع له.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وكل عام وأنتم بخير.

رسالتك واضحة، ولا أرى أنك تعاني من حالة نفسية مرضية حقيقية، والذي يحدث لك –أي أن هذه التجربة التي تمر بها وهي عدم الارتياح النفسي والشعور بالضيقة حين تُجالس أحد أقربائك أو أحد المسؤولين– نوع من الرهاب الاجتماعي البسيط، خوف اجتماعي من الدرجة البسيطة، ويحمل صفة عدم القدرة على التكيف.

وهذا –أخي الكريم– ناتج من أنك لا تُقدِّر ذاتك التقدير الصحيح، والعلاج الجوهري في حالتك هو أن تُقدِّر نفسك التقدير الصحيح، أن تُعطيها حقها، أنت لست أقلَّ من أحد، لا القريب ولا المدير ولا خلافه، البشر هم البشر، والإنسان يُحكم عليه بتصرفاته وبأفكاره وبأفعاله وبمساهماته في الحياة، وأنت رجلٌ مساهم في الحياة، رجلٌ إن شاء الله تعالى لك أمور إيجابية، تقوم بالتحدُّث في المساجد، تقوم بإرشاد الطلاب وتعليمهم، فأنت إذًا رجلٌ مواجهٌ من الناحية الاجتماعية، ليس هنالك إعاقة حقيقية في حالتك، إنما الفكر السلبي، الفكر القلقي، الفكر الوسواسي، الفكر الافتراضي هو الذي أدى إلى هذه المخاوف.

فحقِّر هذا الفكر -أيها الفاضل الكريم- وأكثر من مجالسة الآخرين، كن دائمًا في الصف الأول، في صلاة الجماعة، في المناسبات، حين تُجالس هؤلاء الناس الذين تتخوف منهم، واعلم –أخي الكريم– أن القريب هو أقرب الناس إليك، وهو سندك وأنت سنده، فما الذي يجعلك تتخوف منه، أو لا تحس بالارتياح في وجوده؟ يجب أن يكون العكس من ذلك.

إذًا: أنت محتاج لتغيير فكري، لأن تكسر هذا النمط من التفكير من خلال أن تُكثر من الممارسات والتطبيقات التي ذكرتها لك، ولا بأس –أخي الكريم– أن تتناول علاجا دوائيا بسيطا جدًّا مضادا للمخاوف، أنت لا تحتاج له لفترة طويلة، أحسبُ –أخي الكريم- أن عمرك أكثر من عشرين عامًا، لأن سلامة الأدوية مرتبطة أيضًا بالعمر، فإن كان عمرك أكثر من عشرين –وهذا هو الذي أحسبه– فيمكنك تناول جرعة بسيطة من الدواء الذي يُسمى (زولفت) واسمه العلمي (سيرترالين).

الجرعة تبدأ بنصف حبة (خمسة وعشرين مليجرامًا) تتناولها ليلاً لمدة أسبوعين، ثم تجعلها حبة واحدة ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة ليلاً لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

الدواء سليم غير إدماني، ليس له آثار جانبية، فقط قد يؤدي إلى ازدياد بسيط في شهيتك نحو الطعام، وبالنسبة للمتزوجين ربما يؤدي القذف المنوي قليلاً عند المعاشرة الزوجية، لكنَّه لا يؤثِّر على هرمون الذكورة أو الصحة الإنجابية عند الرجل.

فأخي الكريم: أرجو أن تطمئن؛ فحالتك بسيطة جدًّا وسوف تتجاوزها إن شاء الله تعالى، لأن الدواء يؤدي إلى الكثير من التحسُّن المزاجي، يؤدي إلى تكسير هذا القلق الاجتماعي؛ مما يجعلك أكثر إقدامًا ومقدرة على التواصل الاجتماعي.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وبارك الله فيك، ونشكرك على الثقة في إسلام ويب، وكل عامٍ وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً