الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إخوتي يعاملونني كخادمة وأبواي يقفان في صفهم

السؤال

السلم عليكم.

مشكلتي أن والديّ يفرقان في المعاملة بيني وبين إخوتي، وذلك من جميع نواحي الحياة، في الماديات، وحتى المشاعر، أبي يفرح لأخي إذا حقق إنجازاً علمياً أو غير ذلك، بل أحياناً يبكي من شدة الفرحة، بينما لا يسألني حتى عن دراستي إلا نادراً!

أمي دائماً تخبرني أنها لا تفرق بيننا، لكني دائماً ما أشعر بذلك حين تقف بصفهم عندما نتشاجر، أخواي لا يتحملان المسؤولية تماماً، وأنا من أقوم بجميع مهام المنزل، لكن أمي لا تقدر ذلك، على الرغم من أني أفعل ذلك بدون أن تطلب مني فقط لكي أريحها، لكن إخوتي الذكور لا ينفكون يعاملوني كخادمة، ولا يراعون أن أختي الكبرى تعمل، وأنني وحدي المسؤولة عن المنزل، حتى إني أحياناً أعود للمنزل في وقت الاستراحة بين المحاضرات لأطهو الطعام لأمي ثم أعود، لكن إخوتي كأنهم يتعمدون إرهاقي بإلقاء ملابسهم في كل مكان، ووضع الأكواب أو الأطباق الفارغة بجوار الأسرة حتى أنظفهم.

أخي الأصغر لا يصلي على سجادة صلاة، بل ينزع غطاء السرير ليصلي عليه، ثم يتركه لي لأفرشه مجدداً، وإذا تحدثت ينهال علي بالسباب، وأمي تخبرنا بأن نصمت، ولا تعنفه أو تلومه.

هناك العديد من المواقف المشابهة، وحينما أطلب من أمي أن تعنفهم تقول لي: ألا أساعدها في المنزل إذا كان ذلك سيتسبب بمشاكل بل ترفض التحدث معي، وتقف بصف إخوتي.

لقد أصبحت أكره إخوتي، فمن المستحيل أن يحب أحد شخصاً يتسبب في إرهاقه بدون رحمة، وأنا في عام البكالوريوس ولا أستطيع حتى إيجاد وقت لأذاكر به، فماذا أفعل؟ وبم أدعو؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورهان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بابنتنا الفاضلة في الموقع، ونشكر لك الحرص على مساعدة الوالدة، ونبشرك بأن هذا سيكون سببًا لنجاحك في الحياة، ونسأل الله أن يُلهمك السداد والرشاد، ونحيي تواصلك مع الموقع وعرضك للسؤال.

لا شك أن الذي يحصل من إخوانك تقصير، ولكن لأن بر الوالدين عبادة أرجو ألَّا تُقصِّروا إذا قصَّروا، واستمري على ما أنت عليه من خير ومساعدة وتميُّز، وتذكري أن البر طاعة لله تبارك وتعالى، وأن الذي يُجازي عليها هو الله، وأن الذي يُحاسب عليها هو الله، فإذا قصَّروا فلا تُقصِّري، وقومي بما عليك من الواجبات، وأدِّ ما عليك تجاه الوالد والوالدة، ولا تقفي طويلاً أمام هذه المواقف فتقارني.

يُؤسفنا أن نقول إن هذا موجود في كثير من البيئات، تقديم الأبناء على البنات، وهذا طبعًا مخالفة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم ولتوجيهه الذي قال فيه: (اتقوا الله وأعدلوا بين أولادكم)، ولكن أكرر: إذا قصّروا فلا تُقصِّري، إذا ساءت أخلاقهم فحسِّني أخلاقك، إذا وقفت معهم الوالدة فقومي بما عليك، إذا سكت عنهم الوالد فلا تتألّمي طويلاً، واعلمي أنها مدة تنقضي، ولكن هناك خلل واضح، ونحن لا نريد للخلل أن يكون سبباً في التوتر، وواضحٌ من كلام الوالدة أنها لا ترضى مجرد الصراخ والشتائم والخصام بينهم، وهذا فعلاً يُزعج الوالد.

لذلك نتمنّى أن تفعلي ما عليك، وتُتركي ما هو فوق طاقتك، وطبعًا ينبغي أن توجَّه لهم الرسالة من قِبل الأب أو من قِبل الأم.

الاحتكاكات التي تحصل بين الفتاة وبين إخوانها هذه موجودة في كثير من البيوت، ولكن أرجو ألَّا تأخذ عندك أكبر من حجمها، واعلمي أن الوالد والوالدة الشرع يُطالبهم بأن يعدلوا، فإن لم يعدلوا فلا تُقصري أنت في برِّهم، واعلمي أن فعلك للخير وحرصك على مساعدة الوالدة ومجيئك من المحاضرات لتقومي بما عليك؛ هذا كله تميز ستنالي عليه الأجر عند الله، وسيكون سببًا لنجاحك وسعادتك في حياتك، وغدًا سيأتي مَن يُكرمك الله تبارك وتعالى به ليكون عونًا لك على مشوار الحياة.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً