الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تواجهني صعوبات كثيرة في التعامل مع والدتي، فكيف أتصرف؟

السؤال

السلام عليكم
أنا فتاةٌ عمري 22 سنة، في الآونة الأخيرة أصبحت أجد صعوبةً في التعامل مع والدتي، وخصوصاً أنني أصبحت أشعر بضغط كوني لا أزال في بداية حياتي، ومحتارة في العديد من الأمور التي تخص مستقبلي، ووالداتي لا تساندني، بل تتدخل في كل صغيرة وكبيرة تخص حياتي ومستقبلي.

هذه السنة حصلت على شهادتي الجامعية -الحمد لله- وقد تقدم أحد الأشخاص في العائلة لخطبتي لابنه، ولكنها رفضت قبل أن تستشيرني أو تأخذ برأيي، والسبب أنه من العائلة، وأن عليّ أن أشتغل أولاً، كما سبق أن رفضت الكثير من قبل دون علمي، وكذلك أريد إكمال دراستي في الماجستير، ولكنها لا تريد، فذهبت وقمت بالتسجيل دون علمها، فدعت عليّ؛ إذ قالت لي: أدعو الله أن لا يقوموا بدعوتك للامتحان، وأخاف أن تستجاب دعوتها؛ فهي تقول لي يكفي دراسة، واذهبي وابحثي عن عمل!

مع أنني فتاةٌ ولست ملزمةً بالعمل؛ فأبي ملزمٌ بالنفقة عليّ إلى حين أتزوج، ولكن لا تريد أن تفهم ذلك، فماذا أفعل؟! لا أريد أن أدخل في عقوق الوالدين؛ فقد أصبحت عصبيةً كثيراً، ولم أعد أحبها كما قبل.

أرجوكم انصحوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنأسف لسماع أنك تواجهين هذه التحديات مع والدتك، والعلاقة بين الأبناء والوالدين قد يشوبها بعض التعقيد، وقد تكون صعبةً في بعض الأحيان، خصوصًا في مرحلة الانتقال من البلوغ إلى الشباب.

وهنا بعض النصائح التي قد تساعدك:
1. حاولي فتح قناة حوار مع والدتك، قد تكون هناك أسبابٌ لرفضها أو مخاوفها التي لا تعلمين عنها، التحدث بصراحة وبكلمات هادئة قد يساعد في فتح الباب للفهم المتبادل.

2. من الجيد البحث عن دعم ومشورة والدك، إذا كان يمكنه المساعدة في تقريب وجهات النظر بينك وبين والدتك.

3. الصبر هو مفتاح النجاح في الكثير من التحديات التي نواجهها في حياتنا، فحاولي أن تتحلي بالصبر والتفاؤل، حتى وإن كانت الأمور صعبةً؛ والصبر خلق من أخلاق الأنبياء علينا أن نتحلى به، {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسْتَعِينُواْ بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلَوٰةِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ} [البقرة – 153].

4. لا تنسي دور الدعاء في البحث عن الهداية والسكينة، ادعي الله أن يوفقك ويوفق والدتك لما فيه الخير.

5. قد يكون من المفيد البحث عن المشورة الدينية أو النفسية، للحصول على رؤية أو توجيه حول كيفية التعامل مع هذه القضية، خاصة فيما يتعلق بموضوع عدم استشارتك بالزواج؛ فالوالدة قد لا تتقبل منك بقدر ما تتقبل من أشخاص آخرين.

6. حاولي تقييم الأمور بعقلانية، والنظر إلى الصورة الكبيرة، اسألي نفسك عما تريدين تحقيقه في حياتك، وكيف يمكنك تحقيق تلك الأهداف، دون التسبب في توتر أكبر في العلاقة مع والدتك، يمكنك الاستعانة بأحد نماذج تحقيق الأهداف العديدة الموجودة على الإنترنت.

7. حتى وإن كان هناك خلافات، حاولي دائمًا أن تتذكري القيمة والمحبة التي تقدمها والدتك لك، قد تكون لديها مخاوف أو توجهات تربوية نابعة من حبها ورغبتها في الخير لك، ونذكرك بأهمية البر في الإسلام فقد قال تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً) ومن أخطر الكبائر العقوق، فاحذري أن تقعي في معصية العقوق وأن يزينها لك الشيطان، فلا يجوز أن تكوني عصبية مع والدتك ثم تبررين ذلك.

في الختام، هناك حقيقة مهمة يجب أن نتذكرها، وهي أن الوالدين -مع كل ما يقدمونه من محبة ورعاية- هم بشرٌ وقد يرتكبون أخطاء، ومن الضروري تقدير ما قدموه، والتعامل مع الخلافات بحذر وحكمة.

أسأل الله أن يهديك ويوفقك، ويجمع بينك وبين والدتك على الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً