الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية الموازنة بين الزواج والدراسة وأمور الحياة المختلفة

السؤال

السلام عليكم.

كيف لي أن أوازن بين دراستي الجامعية، وما أريد تعلمه خارج الجامعة، وما يحتاجه كل ذلك من وقت ومجاهدة للنفس، وبين عبادة الله وبين ما تريده النفس بفطرتها؟

أحسب أن تخصصي -علوم الحاسب- ليس بصعوبة التخصصات الأخرى، لكن مع ذلك فهو يحتاج إلى وقت للدراسة والتدريب، ولدي بعض المواد (مختبرات) يستغرق الواحد منها ما يقارب الثلاث ساعات، ففي بعض أيام الأسبوع أبقى في الجامعة إلى وقت متأخر ( ٤:٥٠ ، ٦:٢٠ ) وإلخ؛ مما يحتاج أي طالب جامعي لفعله، وقد عرض عليّ قبل مدة قصيرة ما إذا كنت أريد الخوض في موضوع الزواج من شاب جيد يحفظ كتاب الله، فاستخرت الله أن أغلق الموضوع، وأغلقته دون حتى نظرة شرعية، وأنا حقيقة لا أدري ماذا أفعل في مثل هذا؟!

أحب أن أكون أسرةً، وأن يكون لي أطفالٌ، وأرغب بطبيعة الحال بزوج صالح يهتم بتربية الأطفال، ولكني مع هذا إذا أقدمت على الأمر أعرف أني لن أتمكن من الموازنة؛ فأنا لا أستطيع الموازنة بين الدراسة الدينية والدنيوية، والعبادة والاهتمام بالنفس، ولا أعطي أياً مما ذكرت كامل حقه، فكيف لي أن أقدم على بناء أسرة؟

وفي نفس الوقت الزواج فرصةٌ، ولست أنا من يتقدم، إنما الرجل هو من يفعل؛ فأخشى من التفريط في رجل جيد فلا أجد بعده أفضل منه، وهذا قد ذهب، وأسأل الله أن يكتب لي من هو خيرٌ منه، وييسر له أمره ويرزقه زوجةً صالحةً، ولكن إذا تقدم لي شخصٌ جيدٌ آخر فماذا أفعل؟ ثم هل أنتظر شخصاً فيه كل المواصفات وهو أفضل مني، أم بماذا أرضى؟ أخشى كذلك أن لا أرضى بشخص لا يجيد الكتابة بإملاء صحيح، وليس عنده علمٌ شرعيٌ، هل أنا أبالغ؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة: سائلة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحباً بك -أختي الفاضلة- في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.

اعلمي -أختي الفاضلة- أن قضية الموازنة بين الدراسة والالتزامات الأخرى للإنسان في حياته اليومية، تحتاج لمجموعة من الأمور حتى لا يقع الإنسان في الشعور بالنقص والذنب جرَّاء الإخلال بمتطلبات الحياة المختلفة، ومن هذه الأمور التي ينبغي أن تتم مراعاتها لتحقيق التوازن المُرضي للنفس التالي:

أولاً: تنظيم الوقت، لا بد من أن تنظمي وقتك -أختي الفاضلة- بشكل جيد وصارم، من خلال حصر نشاطك اليومي في أوقات محددة، وتقسيم اليوم إلى أوقات تتكافأ حسب الأهمية والكمية بين الدراسة والجوانب الدينية والاهتمامات الأخرى المختلفة، فتنظيم ساعات اليوم مع التكرار يتحول إلى عادة إيجابية، يجد الإنسان ثمرتها في مستقبل حياته من خلال إشباع أكثر من شغف واهتمام، وعندما لا يتم تنظيم الوقت؛ يصعب إدراك الشخص أن هناك فراغات كثيرة يمكن أن يستفيد منها، فأول خطوة -أختي الفاضلة- لتحقيق التوازن هي تنظيم وترتيب وقتك، ثم الانضباط والالتزام بذلك، والحرص على اجتناب الوقوع في مشكلة الفراغات الهامشية في اليوم، والتي قد تمتد لساعات دون أن يشعر بها الشخص، كمتابعة مواقع التواصل، أو مشاهدة الأفلام، أو المبالغة في الخروج والزيارات، وكل هذا يأخذ من نصيب الأوقات المهمة.

ثانياً: الأهداف الشخصية، الخطوة الثانية -أختي الفاضلة- حددي هدفك العملي في الحياة، ورتبي الأهداف المرحلية التي توصلك لتحقيق هذا الهدف، فمن أهم ما يساعد في تحقيق التوازن في حياة الإنسان وجود هدف وغاية في حياته العملية يسعى لتحقيقها؛ فالشخص بغير أهداف حياته مبعثرة وأعماله غير مكتملة، ويصعب عليه الإنجاز، لكون الغاية والهدف غير واضح في حياته.

ثالثاً: الأولويات، لا بد -أختي الفاضلة- أن ترتبي الأولويات في حياتك، بين أهم ومهم، وعاجل ومتأخر، ومؤقت ودائم، وضيق ومتسع، فمشروع الدراسة مشروعٌ له وقتٌ محددٌ وينتهي، بينما مشروع الزواج دائمٌ وله التزامات دائمة، والبداية تكون بالمشروعات المؤقتة، وإنجازها يجعلك تتفرغين للمشروع الدائم، وهذا في حال اليقين بالعجز عن الجمع بينهما، فتنظيم الحياة بهذه الطريقة يساعدك على ترتيب أولوياتك، وفهم طبيعة كل عمل تقدمين عليه.

أختي الفاضلة: أنت لا تزالين في مقتبل العمر، ولديك فرصٌ كثيرةٌ لتحقيقها، فبادري إلى تنظيم حياتك، وصنع عادات إيجابية تبقى معك العمر كله، فبعد تنظيم وقتك وتحديد أهدافك وأولوياتك، يمكن أن تتخذي القرار بنفسك وفق رؤية ودراسة واضحة لواقعك وحياتك واهتماماتك الحقيقية؛ فالحياة الزوجية رباطٌ دائمٌ لها أعباء وحقوق وواجبات، ولا بد من إعطاء كل ذي حق حقه، ووجود شخص تتفقين معه في الأفكار والصفات والدين والأخلاق يعتبر فرصةً، فالجمع بين هذه الفرصة والدراسة راجع في تقديره إليك -بعد تحقيق ما ذكرناه لك-، وغياب هذه الفرصة لمرة واحدة، لا يعني عدم عودتها مرةً أخرى بشكل مختلف قد يكون أفضل أو أقل؛ فذلك في قدر الله ومشيئته؛ فالكمال في الرجال والنساء أمرٌ عزيزٌ يصعب إدراكه.

أخيراً -أختي الفاضلة- عليك بالاستخارة، والإكثار من الدعاء، وملازمة الذكر ونوافل الطاعات والقُربات، فإنها تشرح الصدر، وتُنير البصيرة، وتحقق الرُّشد والتوفيق في الأمر.

أسأل الله لك السداد والتوفيق لما يحبه ويرضاه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً