الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد العقد الشرعي أصبحت أكره زوجي وأراه قبيحاً!

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاةٌ ملتزمةٌ، عمري 26 سنةً، متزوجةٌ حديثاً زواجاً تقليدياً بنظرة شرعية، لم يحصل الدخول مع زوجي بعد، بحكم أن زوجي بدولة أوروبية، عقدنا وسافر لكي يرتب الأوراق اللازمة لكي أذهب معه، أنا لا أعرفه كثيراً، لكن الوالدين أرادا لي هذا الشاب؛ لأنه طيبٌ وخلوقٌ، ويتسم بأخلاق حميدة، هو يصلي ومستقيم، لكنه ليس ملتزماً مثلي، قال لي: سأصبح متديناً أكثر، وأتقرب من الله أكثر معك.

أنا الآن أتحدث معه هاتفياً فقط؛ لكي أعرفه أكثر، وأتقرب منه أكثر، لأني إنسانة أخجل كثيراً، وأحاول التعود عليه قبل الدخول، لكن الآن أصبحت لا أطيقه ولا أطيق شكله، مع العلم أني من قبل كنت أراه عادياً، -ليس قبيحاً- لكن الآن أراه قبيحاً، وهو ليس متعلماً ولا مثقفاً، فيصعب عليّ محاورته؛ لأنه في بعض الأحيان لا يفهم حديثي من أول الكلام، فلا بد أن أكرر وأفصّل الكلام لكي يفهم، بعكسي، فأنا خريجةٌ جامعيةٌ ومثقفةٌ -الحمد لله- وهذا شيءٌ يزيد من كرهي له لدرجة الانفصال، وأفكر فيه، رغم أن الشاب طيبٌ، وأصبح يحبني؛ لأني جميلة وذات دين وطيبة، ولا أريد أن أظلمه معي.

ملاحظة: كان عندي مسٌ منذ زمن، لكنه ذهب، لا أعرف إن عاد لي! فبتصرفاتي الحالية أصبحت أقول إنه عاد لي، وهو الذي يُقَبِّح وجه زوجي وتصرفاته لي، أصبح أي شيء يعمله لا أطيقه، وأراه عيباً، حتى صوته لا أطيقه -والله العظيم- أنا في حيرة من أمري، لا أعرف ماذا أفعل! سوف أنفجر من التفكير والقلق!

بالأمس حلمت أني حاملٌ، وأنا لا زلت عذراء، ساعدوني -جزاكم الله خيراً- لا أعرف ماذا أفعل، قرار الانفصال قرارٌ مصيريٌ، وأخاف أن أنفصل وأندم!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ضياء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يُؤلّف القلوب وأن يُصلح الأحوال.

لا شك أن الشاب الذي رضيته الأسرة وأولياء الأمر بالنسبة لك سيكون فيه الخير الكثير، طالما كان متديّناً، ويرغب في أن يتديّن أكثر بعد أن يكون معك، نسأل الله أن يُعينكما على الخير، وهذا هدفٌ كبيرٌ في الحياة الزوجية الناجحة، أن يكون بين الزوج والزوجة التناصح والتنافس في طاعة الله، والحرص على المزيد من القُرب من الله تبارك وتعالى.

أمَّا بالنسبة للأفكار السالبة التي بدأت تتمدد في نفسك بعد سفره وبُعده، خلافًا للأفكار الأولى والانطباع الأول؛ فأرجو ألَّا تقفي عندها طويلاً؛ لأن الأمر كما قال ابن مسعود لمن سأله، قال: (تزوجتُ امرأةً وأخشى أن أبغضها، فعظني)، قال ابن مسعود: (إن الحب من الرحمن وإن البغض من الشيطان، يريد أن يُبغِّض لكم ما أحلَّ الله لكم)، فكثيرًا ما يأتي الشيطان ليشوش الصورة، والعبرة هنا بالانطباع الأول وبالارتياح الأول، وبما حصل عند الوهلة الأولى، وهذا كان إيجابيًّا، فحتى قبح صورته أمره جديد، وهذا كلُّه من تشويش الشيطان، وليس المهم في الرجل أن يكون جميل الشكل، ولكن المهم أن يكون كامل الدين، جميل الأخلاق، له أدوارٌ اجتماعيةٌ، له حياةٌ وحيويةٌ في مجتمعه، فأتمنى ألَّا تلقي بالاً لهذه الأشياء، وواضح من كلام أسرتك أنهم لاحظوا فيه هذه الجوانب الإيجابية المشرقة.

عليه أرجو أن تكملي المشوار، وتعطي نفسك فرصة، ولا تستجيبي للأفكار السالبة المذكورة، ولا مانع من أن تعرضي نفسك على راق شرعي، وقبل ذلك تحافظين على أذكار الصباح والمساء؛ لأنها كما قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: (مانعةٌ لما لم ينزل، نافعة فيما نزل)، بحيث لو أن الإنسان حافظ على قراءة سورة البقرة وآية الكرسي والآيتين الأخيرتين من سورة البقرة، والمعوذتين، وسورة الإخلاص، وأذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم والاستيقاظ، نتمنّى أن يكون في ذلك العلاج وبلوغ الشفاء -بإذن الله تبارك وتعالى-.

عليه أرجو ألَّا تفكري بهذه الطريقة، ونتمنَّى أن تتعوذي بالله من شيطانٍ لا يريد لك الخير، واعرضي نفسك -كما قلنا- على الرقية الشرعية، قومي بها بنفسك؛ فإن الإنسان يستطيع أن يقرأ الرقية على نفسه، وتستطيع الوالدة أن تقرأ عليك، ولا مانع من أن تذهبي إلى راقية متخصصة أو راق متخصص يُقيم الرقية على قواعدها وضوابطها الشرعية.

نسأل الله أن يجمع بينكم على الخير، ونتمنّى أن تنظري للأمر نظرةً شاملةً، والنظر في عواقب الأمور ومآلاتها، والأشياء التي يمكن أن تترتب في حالة الاستمرار، والأشياء التي تخافين منها في عدم الاستمرار، كل هذا لأن قرار النجاح هو القرار الذي يقوم على دراسات عميقة، تُدرس فيها العواقب ومآلات الأمور.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً