الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلقت زوجتي لسوء خلقها والآن أريد إرجاعها، فبماذا تنصحونني؟

السؤال

السلام عليكم.

متزوج منذ ست سنوات، ولدي مشكلة في سوء طبع زوجتي فهي تنتقدني دائمًا بدون أسباب منطقية، أشعر أحيانًا أنها نرجسية الطبع تشتمني وتشتم أهلي، أتغافل عن الانتقادات الدائمة ومحاولة التقليل مني، ولكن عندما شتمت والدي ووالدتي -وهذا لا أصبر عليه- طلقتها أول مرة على أمل أن تشعر أن هناك مشكلًة بالفعل، وأرجعتها بعد أسبوعين بعد أن تدخل خالها وعائلتها -أحسبهم على خير- وحذروها أن لا تقوم بهذه الشتائم مرة أخرى، وقلت لها: لو حدث ذلك مرة أخرى فستكون النتيجة ذاتها، فأنا والدايّ متوفيان، وأكره أن يتم سبهم بهذه الطريقة، قد أتحمل أذى زوجتي، ولكن لا بد من وجود عقاب يردعها، أهجرها، أعظها، وأضربها إذا زادت في التعدي؛ لأنني لا أحب الشتيمة فأضربها إذا شتمتني.

منذ شهر ونصف تقريبًا قامت بنفس الفعل مرة أخرى شتمتني وشتمت والديّ فقمت بتطليقها للمرة الثانية، ما يهمني في هذا الأمر هم أبنائي وليست هي، أعتقد أنها ستضيعهم فهي لا تتحمل المسؤولية، كما قلت: أظنها نرجسية الطبع بشكل واضح، تدخل أهلها واتفقت معهم أنها لن تكرر تعدي حدودها لي ولا لأهلي.

بقيت أيام قليلة في العدة وأريد أن أرجعها، ولكني أخاف أن ترجع مرة أخرى وأطلقها نهائيًا، هي ليست شرًا مستطيرًا، ولكنها تؤذيني عند غضبها، وتقلل من شأني، لا أعلم هل أرجعها أم لا؟ الأهم مصلحة أبنائي، ولكن المشكلة كيف أتعامل معها بعد الرجعة، هي تعاملني بشكل جيد في فترة العدة أتمنى أن تكون بهذا الشكل إذا أرجعتها، أفيدوني يرحمكم الله، فهي ليست متدينة ولكن أحسبها على خلق.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك -أخي- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله لك السلامة والعافية والصلاح إنه جواد كريم.

أخي الكريم: عليك ابتداءً أن تستثمر وقت العدة وأن تراجعها فيه، وأن تضع لها قواعد للتعامل معها يجنبك سماع الأذى ويجنبها الاضطرار إلى قوله على ما سنشرح الآن، ولكن قبل كل شيء ابدأ بالمراجعة قبل انتهاء العدة.

أولًا: أخي الكريم: إن طبيعة الحياة الزوجية الاختلاف لا التطابق، بل إننا نقول: إن الاختلاف أحد سماتها، ولو كان هناك بيت بلا مشاكل لكان بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وهذا لم يحدث مع عظم الزوج وفضل زوجاته.

ثانيًا: إن من غلبت حسناتها سيئاتها وجب علينا أن نكرمها خاصة إذا كان لنا منها أولادًا، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (خيرُكُم خَيرُكُم لأَهْلِهِ وأَنا خيرُكُم لأَهْلي).

ثالثًا: من الجميل أن نعاقب المخطئ ولكن الأجمل منه أن نمنعه من الوقوع في الخطأ، وزوجتك لا يصدر منها هذه الشتائم إلا عند الغضب، فإذا تفهمنا مواطن الغضب، وعملنا على التقليل منه فإننا بذلك سنقطع الطريق على الشيطان المتربص بهذا البيت لهدمه.

رابعًا: هناك دورات كثيرة بعنوان: فن إدارة المشاكل نريدك أن تستمع إليها، وهي تعتمد في المجمل على أمرين:
1- تجنب المشاكل.
2- الخروج بأقل الخسائر عند المشاكل.

فإذا غضبت الزوجة وأدركت أن النقاش معها قد يدفعها إلى الشتم فالعقل يقتضي التوقف عن النقاش والخروج بالأقل، وهذا لا يعيب الرجل -أخي الكريم- بل هو من كمال الحكمة والعقل.

خامسًا: نأتي بعد ذلك إلى مسألة النقد المستمر من قبل زوجتك: هذا النقد لا بد أن نفهم أسبابه ودواعيه، ومن ثم نعالجه، دعنا نقول لك ابتداءً: إن النقد في مجموعه أحد ألوان الدفاع عن النفس، وقد ينقلب ليكون حالة مرضية، وحتى نتجاوز هذا يجب أن نعمد إلى أمرين:

الأول: مدح الشخص حتى لا يكون في موقف الدفاع فيلجأ إلى النقد، تعمد أن تمدح زوجتك كثيرًا، وأن تثني عليها، وأن تظهر لها أحيانًا انبهارك بعقلها وطريقة تفكيرها؛ إن هذه المجاملات لها دور كبير في تهدئة النفس، والتقليل من الانتقادات بل والهدوء العاطفي.

الثاني: تغافل عن بعض الانتقادات، وابحث عن نقد هي فيه صاحبة حق، وأخبرها أن كلامها صحيح وأنك متفق معها، انقلها من دور العداء معك إلى العداء مع المشكلة وقل لها: كيف نصلح هذا الأمر؟

الثالث: اعتمد الأسلوب الحواري وابتعد عن علو الصوت أو إحراجها بوضع تضطر فيه إلى تصعيد نبرتها أو انتقادها.

الرابع: اجتهد أن تجعل الحوار بينكما من غير طرف ثالث، وأن تستمع إليها أكثر من أن تتحدث، فإن طبيعة المرأة أنها إذا تحدثت وأفرغت ما في صدرها تشعر بالراحة.

وأخيرًا: أنت على خير كثير، وزوجتك كذلك أم أولادك، فوسع صدرك -يا أخي- واتخذ من الحلم وسيلة لإصلاح البيت، وعليك بالمحافظة على الأذكار أنت وأهل بيتك، والمحافظة على قراءة سورة البقرة أو الاستماع إليها كل ليلة فإن هذا من المعين على الاستقرار.

نسأل الله أن يبارك فيكم، وأن يصرف عنكم الشيطان، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً