الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معاملة خالي السيئة لأمي.. ودوري تجاه ما يصيبها

السؤال

خالي يعامل والدتي باستمرار بطريقةٍ سيئةٍ، ولا يتصل عليها ولا يكلمها، ولا يطمئن عليها إذا مرضت، حتى عندما أحدثه أنها مريضةٌ لا يهتم ولا يطمئن عليها، بل حينما يتصل يتصل إما لطلب خدمة معينةٍ لابنه أو لطلب خدمة لنفسه، وحتى عندما تستجيب والدتي وتنفذ ما يطلبه لا يشكرها، بل يظل يعاملها معاملةً سيئةً، تجعلها تحزن وتبكي بشدة.

عندما أرى والدتي في هذه الحالة من الحزن والضيق بسبب أخيها أقول لها: أن تخفف علاقتها به، وأن تكتفي بمحادثته من حين لحين للاطمئنان عليه فقط، ولا تطيل في المكالمة أو تحقق مطالبه، ولكنها ترفض بسب أنه أخوها الوحيد.

فماذا أفعل؛ فوالدتي كبيرة في السن في ٦٠ من عمرها، والحالة الصحية ليست جيدة، ولا أعرف ماذا أفعل؟!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Rawan حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يرزقك بر الوالدة، وأن يعينها على الوفاء لأرحامها، وأن يلهمنا جميعا السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

أرجو أن تشجعوا والدتك على الاستمرار في البر والإحسان؛ فإنها الرابحة عند الله -تبارك وتعالى- والأخ بمنزلة رفيعة من صلة الرحم، وليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها، والوالدة هي الرابحة في هذا الذي تقوم به، وينبغي أن تشجعيها وتذكريها بالأجر والثواب عند الله، لأن النبي صلى الله عليه وسلم (جاءه من يشكو من قرابته قال: لي قرابة أصلهم ويقطعونني، أحسن إليهم ويسيئون إليّ، أحلم عنهم ويجهلون عليّ، فقال: لئن كنت ما قلت فكأنما تسفهم المل) كأنك تطعمهم الرماد الحار -كناية عما يدخل عليهم من شر من تقصيرهم في حق رحمهم- ثم بشره فقال: لا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.

بل شجعي الوالدة أن تعمل المعروف ابتغاء وجه الله -تبارك وتعالى- لأن صلة الرحم عبادة، والذي يجازي فيها هو الله، والذي يحاسب المقصر فيها هو الله، والعجيب أن صلة الرحم من العبادات التي يجني الإنسان ثمارها في الدنيا، كما أن العقوق من المصائب التي يجني الإنسان آثارها في الدنيا مع ما ينتظره من وبال في الآخرة.

والنبي -صلى الله عليه وسلم- شدد في مسألة صلة الرحم، حتى قال: لا يدخل الجنة قاطع. يعني قاطع رحم، وعند التأمل في حال هذا الأخ نجد أنه فقط مقصر بمعنى أنه لا يقوم بما عليه، لكن لا أعتقد أنه يصل منه إساءة، هي فقط تريد من يهتم بها، ويسأل ويشكرها، وأنا أريد أن أقول حتى لو لم يفعل هذا فأجرها عند الله ثابتٌ، وبالتالي أرجو أن توفري الدعم المعنوي والتشجيع للوالدة، وليس الدعم المادي وإنما المقصود الدعم المعنوي للوالدة حتى تستمر في برها وإحسانها لشقيقها الوحيد.

ولا تطالبيها بأن تقصر، بل عليها أن تكمل الجمال والكمال الذي هي عليه في هذا الباب العظيم من أبواب الطاعة، هذا الواجب الشرعي الذي هو صلة الرحم، ما ينبغي أن تقصر لأنه يقصر، لأن الذي يجازيها هو الله -تبارك وتعالى، نسأل الله أن يرزقك برها- وأنت أيضاً لا تقصري في التواصل مع الخال ومع الأرحام، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يكتب لكم الأجر والثواب.

ونبشركم بأن الذي يصل هو الذي يربح في الدنيا والآخرة، فمن أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في آثره فليصل رحمه -كما قال النبي عليه صلاة الله وسلامه- ولا يوجد من أوذي من أرحامه مثل الأنبياء، ولكن مع ذلك ضربوا أروع الأمثلة في البر والإحسان والعفو، لا تثريب عليكم اليوم -هكذا قالها يوسف- وقالها محمد -صلى الله عليه وسلم- لأرحامه الذين آذوه وقصروا فيه وكذبوه (اذهبوا فأنتم الطلقاء)، بعد ذلك ردد عبارة يوسف لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين.

نسأل الله أن يعين الوالدة على الصبر والاستمرار في الإحسان، وأن يعينك على تشجيعها حتى تستمر في هذا العمل العظيم، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق، وأملنا أن يهدي الله هذا الخال حتى يقوم بواجبه تجاه أخته.

نسأل الله الهداية للجميع.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً