الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش في عزلة بسبب توقف طولي!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أعاني من مشاكل نفسية؛ خاصة مشكلة العزلة بسبب توقف طولي في وقت مبكر، طولي 135 سم، منذ أكثر من خمس سنوات حاولت الاعتياد على الوضع لكن دون فائدة، كنت أعيش في عزلة ولم أعد أتحمل ذلك، مثلاً: في المدرسة الناس تتكلم مع بعضها بعد التعارف، بينما أنا لدي تصرف غريب أحب التعامل مع الناس قبل التعرف عليهم، وليس لدي أي قدرة في التعرف على أي شخص، وإذا فعلت هذا الناس تبتعد عني، أو يحكمون علي أنني خفيفة أو غير عاقلة.

والفرق بين إذا تكلمت أو لا أن هناك طريقين فقط: إما أن أتعامل مع الناس بدون تعارف، أو أبقى في العزلة؟ أنا في حالة سيئة، وأرجو مساعدتي.

شكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك –أختنا الفاضلة– عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.

للعلم –أختي الفاضلة–: في مجتمعاتنا الناس ينظرون إلى الذين يختلفون عنهم بطريقة سلبية، وإن شاء الله هذا يتغيّر وتُصبح معاملة الناس ليس وفق اختلافاتهم، وإنما يعاملوا باحترام لأنهم بشر.

أنت تعلمين –أختي الفاضلة– أن نبينا -صلى الله عليه وسلم- يعلِّمُنا فيقول: (إِنَّ اللهَ ‌لَا ‌يَنْظُرُ ‌إِلَى ‌صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ، وَأَعْمَالِكُمْ)، فقيمة الإنسان –سواء كان رجلاً أو امرأة– ليس في شكله أو طوله أو عرضه، وإنما بِقِيَمه وأخلاقه، ومعاملاته وسلوكه.

أيضًا لا تنسي –أختي الفاضلة–: أن كبار الصحابة كانوا مختلفين عن غيرهم بأجسامهم، فهذا ابن مسعود ارْتَقَى مَرَّةً شَجَرَةً أَرَادَ أَنْ يَجْتَنِيَ لِأَصْحَابِهِ ويأتي بسواكٍ للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فلم يهتز الغصن لخفّته ونحافة جسمه وساقه، ‌فَضَحِكَ أَصْحَابُهُ مِنْ ‌دِقَّةِ ‌سَاقِهِ، فنهرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: (مَا تَضْحَكُونَ، لَهُمَا أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ أُحُدٍ).

فأختي الفاضلة: هذا شيء طبيعي، ولكن تجنّب الناس وعدم الاقتراب منهم لا يحل المشكلة، وإنما يزيدها، فتجدين نفسك دخلت في دائرة معيبة من الأفكار السلبية، عكس ذلك هو أن تُقبلي على الناس كما أنت، دعيهم يتعرفوا على شخصيتك وأفكارك ممَّا يصلون به -إن شاء الله تعالى- إلى درجة أن يعجبوا بك.

ذكرتِ أنك لا تحبين التعرُّف على الناس قبل التعامل معهم، أعتقد أن كثيرًا مِنَّا هذا الذي يُفضله، فأنا لا أتعرف على شخصٍ أو أتخذه صديقًا أو رفيقًا إلَّا بعد أن أعامله، فالتعامل هو الذي يُعرّفني عليه بشكل سليم، فلا عيب في هذا.

فأرجو منك -أختي الفاضلة- أن تشدّي الهمّة، وتُحسّني نظرتك إلى نفسك، فنحن لا نتوقع أن ينظر الآخرون إلينا نظرة إيجابية، إذا كنّا نحن أنفسنا ننظر إلى أنفسنا نظرة سلبية، {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11]، فالتغيير يبدأ من عندنا قبل أن يبدأ من عند الآخرين.

أرجو أن يكون في كلامي ما يُريحك ويُوجّهك الوجهة السليمة الصحيحة، وخاصة أنك في هذا العمر من الشباب، داعيًا الله تعالى أن يشرح صدرك وييسّر أمرك، ويجعلك من المتفوقات.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً