الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حصل لي فجأة ضعف تركيز وكثرة نسيان، ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم
جزاكم الله خيراً.

أعاني منذ 6 سنوات من ضعف التركيز، والنسيان بصفة دائمة ومستمرة، كنت طالباً جامعياً بكلية الصيدلة بمعدل ممتاز، وأخذت المرتبة الثانية على جامعتي خلال مسيرتي.

بداية مشكلتي مع ضعف التركيز ظهرت فجأة دون سابق إنذار، كان عندي مادة في الصباح وتعرضت لهبوط بالضغط الدموي، وانتابني قلق وهلع شديد، تركت تقديم المادة ونزلت لمنزلي، استغربت أنني لم أعد قادراً على الحفظ والمذاكرة!

أجريت فحوصات للغدة الدرقية، وتصوير رنين، وتحليل فيتامين B12، وتصوير طبقي محوري، وتخطيط كهربائي للدماغ، والأمور كلها سليمة -الحمد لله-.

أخذت دواء باروكسيتين، لمدة 6 أشهر، ولم أتحسن مطلقاً، لا أعرف حلاً لمشكلتي، لدي سرعة قذف، وكثرة عدد مرات التبول، لدي الرغبة والهمة والنشاط والعزيمة على إكمال دراستي، وأجلس لأدرس المحاضرة الواحدة، ولا أستطيع حفظ فقرة منها، رغم الإعادة عشرات المرات.

أفيدوني، بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب.

أسباب ضعف التركيز وكثرة النسيان إمَّا أن تكون عضوية وإمَّا أن تكون نفسية، وفي حالتك -الحمد لله تعالى- لا يُوجد سبب عضوي؛ حيث إن جميع فحوصاتك سليمة، فالحمد لله على ذلك، وحقيقة عمرك أيضًا عمرٌ ليس من أسباب اضطراب الذاكرة والتركيز.

الأسباب النفسية كثيرة: منها القلق، ومنها الاكتئاب المقنّع، أي الاكتئاب الخفي الذي لا يظهر في شكل عُسر مزاجي أو شعور بالسوداوية، إنما يظهر في شكل اضطراب في التركيز، أو افتقاد في الدافعية، وعلى ضوء ذلك في مثل حالتك نحن ننصح بتناول أحد مضادات الاكتئاب.

أنت تناولت الباروكستين فيما مضى، ولم تتحسّن، أنا أعتقد أن الدواء الذي يُحسّن من الدافعية هو الـ (فلوكستين) والذي يُعرف تجاريًا باسم (بروزاك) فيمكنك أن تتناوله بجرعة كبسولة واحدة يوميًا – أي عشرين مليجرامًا – لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها كبسولتين يوميًا – أي أربعين مليجرامًا – واستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها كبسولة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناول الدواء. دواء سليم ورائع وممتاز جدًّا.

الخطوة التي بعد ذلك – وهي خطوة مهمة جدًّا – هي: أن تنظّم حياتك بحيث تُدير وقتك بصورة صحيحة، وأهم الخطوات في حُسن إدارة الوقت هي: تجنُّب السهر، فيجب أن تنام نومًا ليليًّا مبكّرًا؛ لأن النوم الليلي المبكّر يُؤدي إلى ترميم كامل في الخلايا الدماغية والخلايا الجسدية، ويجعل الأنزيمات والهرمونات الجسدية المختلفة تُفرز بصورة منتظمة وصحيحة، وطبعًا الذي ينام مبكّرًا يستيقظ مبكّرًا، يؤدّي صلاة الفجر في وقتها، والإنسان الذي يؤدي صلاة الفجر في وقتها يكون في نشاط وفي ذِمّة الله، كما قال ﷺ: (مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فَهُوَ ‌فِي ‌ذِمَّةِ ‌اللَّهِ، فَلَا يَطْلُبَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذِمَّتِهِ)، ويكون الإنسان مُقبلاً على يومه وحياته، منشرح الصدر مطمئن النفس.

سيكون من الجميل جدًّا بالنسبة لك أن تُذاكر بعد صلاة الفجر، تجلس لمراجعة دروسك لمدة ساعة مثلاً قبل الذهاب إلى مرفقك الدراسي، وهذه فترة نعتبرها ذهبية، ستجني فيها الكثير من المعارف والحفظ؛ لأنه – كما ذكرنا – تكون نسبة التركيز عالية جدًّا.

الأمر الآخر: أنصحك بممارسة الرياضة، الرياضة تُحسّن التركيز، الرياضة تُقوّي الإرادة، وتُحسّن من الدافعية، كما تفيد الجسد أيضًا.

أيضًا لا بد أن تهتمّ من الناحية الغذائية لديك، الغذاء المتوازن يعتبر ضروريًّا جدًّا.

أمَّا بالنسبة لسرعة القذف وكثرة عدد مرات التبوّل؛ فهذه تدلُّ على وجود قلق داخلي، والقلق كثيرًا ما يكون مصاحبًا للاكتئاب المُقنّع؛ فمن خلال ممارسة الرياضة وتناول الدواء وتنظيم حياتك وحُسن إدارة وقتك؛ أعتقد أن كل هذا سيختفي تمامًا.

هذا ما أودُّ أن نصحك به، وأنصح بثلاث: (احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، ‌وَاسْتَعِنْ ‌بِاللهِ، ‌وَلَا تَعْجِزْ).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً