الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحياناً يكون مزاجي عالياً وأحياناً أشعر بالقنوط والاكتئاب!

السؤال

السلام عليكم.

أود أن أشكر جميع القائمين على هذا الموقع، وأنا سعيدة جدًا لأنني تمكنت من التواصل معكم؛ فهذا من أفضل المواقع التي عرفتها.

أنا أعاني من تقلبات مزاجية كثيرة، وأحيانًا حتى بعد التعافي من الوسواس يعود مجددًا، ويخيفني، وأنا أحاول عدم الالتفات له، وصرت أتعامل مع الموضوع بمنطقية، وليس بإحساسي وعواطفي.

ولكني أعاني من النحافة والأرق هذه الأيام على الرغم من برودة الجو؛ فأنا متعودة على النوم في مثل هذا الجو، فهل تناول السكريات يؤثر على أعصابي وحالتي النفسية؟ وهل الضغوطات النفسية تؤثر على المزاج ؟

كما أنني كنت مصابةً بالاكتئاب، ولكني تعافيت، وعدت لطبيعتي، ولكن مزاجي أحيانًا يكون عالياً، وأحيانًا أكره الاستيقاظ، وخاصةً في فترة تسلط الوساوس؛ حيث أشعر بأنني لا أريد عمل شيء، وليس عندي رغبة في الحياة، وأشعر بالقنوط -والعياذ بالله-.

في حالة الوسواس يؤنبني ضميري مهما فعلت، وعندما يعود مزاجي عاليًا أقع في التبذير أحيانًا وفي الإقدام على كثير من الأمور، ثم أندم على بعضها؛ لأنني أرى بأنني قد تسرعت، وأحيانًا يكون مزاجي عاديًا، فهل الأكل له علاقة؟ وهل يجب علي تعديل السيروتونين بالدواء؟ وهل أنا شخصية مزاجية، أم أن الظروف هي التي جعلت مزاجي متغيرًا؟

علمًا بأن العاطفة والمزاج يدخلان في كثير من قراراتي، وهذا ما يخيفني، فهل الدواء إجباري لتعديل المزاج والوساوس، أم أن العلاج السلوكي -كتعديل نمط الحياة من أكل ونوم- كاف؟ وهل يلزمني ممارسة الرياضة، وزيارة أخصائية التغذية بشكل مستمر من أجل النحافة والنفسية؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عبير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أختنا الفاضلة- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال، وبهذه التفاصيل المفيدة التي تعطينا فكرةً أكيدةً -بإذن الله عز وجل- عن التشخيص.

أختي الفاضلة: تردد في سؤالك كلمة الوسواس، وأنا أعتقد أنك لا تعانين منه، وإنما تعانين من حالة تشخيصها معروف وهو الاضطراب العاطفي الثنائي القطب، والذي عادةً يتراوح بين الحالتين اللتين وصفتيهما في سؤالك بشكل جيد.

فمن جهة تدخلين في حالة من الاكتئاب، ولا ترغبين بعمل أي شيء، وتعزلين نفسك عن الآخرين، ويغلب عليك الحزن والتشاؤم، ثم في وقت آخر تدخلين في عكس الاكتئاب، وهو ما نسميه بالهوس؛ حيث تشعرين بالمزاج العالي، والمتقلب، وتبدئين باتخاذ قرارات غير معقولة، أو غير منطقية: ككثرة التبذير، والإقدام على الأمور التي تندمين عليها لاحقًا.

أختي الفاضلة: هذا الوصف الدقيق -الذي أشكرك عليه- هو وصف جيد لمن يعاني من الاضطراب المزاجي أو العاطفي الثنائي القطب، الذي يتراوح فيه الإنسان بين الاكتئاب والهوس، نعم، إن العلاج المعرفي السلوكي يمكن أن يساعد كثيرًا، ولكن إذا كانت الإصابة متوسطةً، أو شديدةً، وأنا أرجح أنها متوسطة عندك، فهنا لا بد من العلاج الدوائي؛ ليرفع من مزاجك عندما تكونين في حالة الاكتئاب، وليخفف من هذا المزاج والإثارة عندما تكونين في حالة الهوس.

أيضاً هناك أدوية التي نسميها معدلة المزاج، والتي يمكن للطبيب أن يضيفها أيضًا، والتي تخفف من تكرار هذه النوبات، سواءً الاكتئاب، أو الهوس، وتخفف شدتها.

أختي الفاضلة: لا تتأخري أو تترددي في الذهاب إلى العيادة النفسية؛ ليقوم الطبيب النفسي بفحص الحالة الذهنية والنفسية ليؤكد التشخيص، والذي أرجح أنه -كما ذكرت لك- اضطراب العاطفي الثنائي القطب، ثم يشرح لك الخطة العلاجية، وأطمئنك بأن الاستجابة عادةً جيدة.

كذلك يمكنك مناقشة موضوع الأكل والسكريات مع الطبيب؛ لأنه سيشرف على تشخيصك وعلاجك، ويقرر لك ما يراه مناسباً لوضعك.

داعيًا الله تعالى لك بتمام الصحة والعافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً