الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقارن خطيبي بغيره من الرجال، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة مخطوبة، وعمري 22 سنة، وأدرس في كلية العلوم الإسلامية -والحمد لله-.

خطيبي شخص عامي وعادي، يعني أن مستواه الدراسي عادي، فهو لم يتخرج من الجامعة، لكنه متفهم وحنون جدًا ويسايرني ويحبني جدًا، وليس متدينًا كثيرًا، لكنه يحافظ على صلاته ويحب الخير كثيرًا.

باختصار هو: شاب بسيط يركز على حياته، وعمله وصلاته، لكن أنا أقارنه بغيره كثيرًا؛ لأن معارفي يقولون: إنني فتاة جميلة ومتعلمة، وغير ذلك، وأستحق أفضل منه، فهو ليس جميلًا، كما أنه بسيط وغير متعلم، ورغم أني أحبه، إلا أن هذه الأفكار تراودني كثيرًا، وأريد أن أضع حدًا لها، لكن لم أستطع.

وآخر قصة حدثت لي: أن أختي كانت لها علاقات مع الكثير من الرجال -هداها الله- على عكسي أنا التي لم تكن عندي علاقات نهائيًا، فقد جاء لخطبتها شخص من الأشخاص الذين تعرفت بهم وهو جميل، ولديه أموال وبيت، وغير ذلك، فقالوا لي: (هذه هي الفتاة الفطنة الذكية، ليس مثلك أنت تتزوجين أول شاب تقدم لك فقط لأنه طيب، لو أنك بحثت وتعرفت واخترت لكان أفضل، فأنت جميلة، استغلي هذا).

احترت! لماذا الفتاة التي تبحث عن زوج في علاقات غير شرعية تجد شابًا جيدًا، والعفيفة المتدينة لا تجده؟!

أرجو منكم الرد، فأنا أقارن خطيبها بخطيبي وأغار، وأصبحت لا أرى أنه جيد كالسابق، وبدأت الأفكار السيئة تراودني!

أنا حائرة، وأرجو منكم أن تنصحوني، هل أفسخ خطوبتي؟ فضميري بات يؤنبني؛ لأنني أظلمه بتفكيري، وأيضًا لا أريد أن أدخل في مئات العلاقات كي أتزوج، أنا ضائعة!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Safia حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يُعينك على إكمال المشوار مع هذا الشاب الحنون المتفهم، الذي يحافظ على صلاته وعمله وحياته، وأعتقد أنها مؤهلات عالية وغالية، فلا تلتفتي لكلام الناس، وتجنبي المقارنات السلبية، ولا تتمني ما كانت عليه الأخريات من الفسق والفجور والعلاقات التي لا تنضبط بقواعد الشرع، نسأل الله أن يُعينك على كل أمرٍ يُرضيه.

ونحب أن نؤكد أولاً: أن الرجال لا يُقاسون بأشكالهم، إنما بأفعالهم، ووجهاتهم، وبحضورهم الفاعل، وباهتمامهم وقدرتهم على قيادة أسرة، والنجاح في هذه المهمة.

الأمر الثاني: المقارنة دائمًا فيها ظلم، فلا يصلح أن نقارن إنساناً بآخر؛ لأن كل إنسان أعطاه الله من المواهب ما حُرم منه الآخر، ولكن ليس هناك إنسان أفضل من إنسان؛ لأن كل إنسان له إيجابيات وله سلبيات، وقد تكون الإيجابيات عند هذا هي سلبيات، ويقابلها سلبيات في الجانب الآخر، لكن الثاني أيضًا عنده إيجابيات. المقارنة دائمًا فيها ظلم، وهي غير صحيحة.

الأمر الثالث: الإنسان ينبغي أن يُدرك أن الذي طرق الباب والذي لم يكن له علاقات -والتي لم تكن لها علاقات- هم الأقدر على النجاح في حياتهم، فلا تسمعي لكلام الجهلاء والجاهلات الذين يعتقدون أن الإنسان ينبغي أن يُجرّب ويُجرّب ويبحث ويلعب، هذه كلها من الأشياء التي لا خير فيها؛ لأنها مخالفة شرعية، وما من معصية إلَّا ولها شؤمها وثمارها المرّة.

هذا الاعتراض ليس في مكانه: (لماذا الفتاة التي تبحث عن زوج في علاقات غير شرعية تجد)، مَن الذي قال أنها تجد شابًا جيدًا؟ وكيف يكون الإنسان جيداً إذا كان عنده علاقات آثمة؟ لذلك ينبغي أن نُبعد أي مقارنة بين العفيفة المتدينة وبين غيرها، بين العفيف المتدين وبين غيره، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينكم على الخير.

أرجو أن تعلمي أنه حتى الدراسات الغربية أثبتت أن العلاقات العاطفية خارج الأطر الشرعية هي المسؤولة عن خمسة وثمانين بالمائة (85%) من نسبة الفشل بعد الزواج، الشيطان الذي يجمع الشباب والفتيات على الغفلات هو هو الشيطان الذي يأتي ليغرس بينهم الشكوك والعداوة والبغضاء.

فلا تظلمي نفسك، ولا تظلمي الشاب -كما أشرت- بتفكيرك، أو بالتفكير في تقليد الآخرين والتشبّه بهم، وأحسنت عندما رفضت الدخول إلى مئات العلاقات؛ لأن هذه مجازفة ومعصية وأمرٌ له عواقبه الخطيرة، وله ثماره المُرّة -عياذًا بالله-.

أنت لست ضائعة ما دمت ملتزمة بقواعد الشرع، ما دمت قبلت بالذي جاء من الباب وقابل أهلك الأحباب، فلا تستمعي لكلام الذين ثقافتهم ثقافة مسلسلات، واعلمي أن الشرع لا يقبل مثل هذه التجاوزات، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير، وأن يرفعك عنده درجات.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً