الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تكاليف الزواج أرهقتني وأصابتني بالهم الشديد..أرجو النصيحة!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

منذ فتره طويلة وأنا أحلم بالزواج، وها هي الفرصة الآن مناسبة ومتاحة، حيث تقدمت لخطبة فتاة من أقاربي، ولكن صارت عندي ضغوط مادية، وتكاليف الزواج أصبحت صعبة جدًّا بسبب المهر الكبير، وتجهيز المسكن، واضطررت إلى الدَّين، ودائمًا أفكر كيف سأصرف عليها، بالرغم من أن راتبي متوسط وأسدد ديوني من هنا وهناك، لا أعلم هل أستمر في الخطبة أو بماذا تنصحونني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ali حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - أيها الابن الكريم - في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونبشرك بأن من الذين يعينهم الكبير المتعال، والكريم الوهاب: (الناكح يريد العفاف).

وأرجو أن تعلم أن في الزواج الغنى، وقد فهم السلف هذا المعنى من قوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [النور: 32] وقال (ﷺ): (‌‌ثَلَاثَةٌ ‌حَقٌّ ‌عَلَى ‌اللَّهِ ‌عَوْنُهُمُ: ... وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ)، وقال أبو بكر الصديق: (ابتغوا ‌الغنى ‌في ‌النكاح)، ففي الزواج الغنى؛ لأن الزوجة تأتي برزقها، والأبناء يأتون بأرزاقهم، و(طَعَامُ الْوَاحِدِ يَكْفِي الِاثْنَيْنِ، وَطَعَامُ ‌الِاثْنَيْنِ ‌يَكْفِي ‌الْأَرْبَعَةَ، وَطَعَامُ الْأَرْبَعَةِ يَكْفِي الثَّمَانِيَةَ) كما ورد في الحديث.

كما أن تحمل الإنسان المسؤولية يجعله يبحث عن مزيد من المهام والأعمال الإضافية، وأيضًا الإنسان بعد الزواج يعرف قيمة الدرهم والدينار، ولذلك أرجو ألَّا تحمل همًّا، لكن المسلم مطالب بأن يسعى، قال العظيم: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} [الملك: 15]، وقال: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10]، ويقول (ﷺ): (لَوْ ‌أَنَّكُمْ ‌تَتَوَكَّلُونَ ‌عَلَى ‌اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ؛ لَرَزَقَكُمْ كَمَا تُرْزَقُ الطَّيْرُ، تَغْدُو خِمَاصًا، وَتَرُوحُ بِطَانًا).

فأبشر بالخير والرزق الواسع، طالما أنت تسعى وتتوكل على الله الكريم الوهاب، واعلم أن الله هو الرزّاق ذو القوة المتين، يريد مِنَّا التقرُّب إليه والالتزام بعبادته وطاعته، {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه: 132].

فاحرص على الطاعة لله تبارك وتعالى، وثق بأن الله هو الرزاق، ونبشرك بأن طالب العفاف يعينه الله على الخير، كما ورد في الحديث السابق، ولذلك أرجو أن تكمل هذا المشوار، وننصحكم أولاً بالدعاء لأنفسكم، ثم بالاستقامة على شرع الله، ثم بكثرة الاستغفار والصلاة والسلام على رسولنا المختار، ثم عليك بأن تبذل أسباب البحث عن الرزق، علينا أن نبذل الأسباب ثم نتوكل على الكريم الوهاب، ونسأل الله أن يوسع رزقك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادر عليه.

وعليه نحن ندعوك إلى أن تستمر في الخطبة، بل ندعوك إلى أن تعجِّل بالزواج، مع أهمية أن تكون الأمور مبسطة، لأن من العقل والحكمة أن لا نبالغ في مراسيم الزواج وفي الأموال التي نصرفها، ولو كانت المبالغة في المهر وتكاليف الزواج مكرمة لسبقنا إليها رسولنا (ﷺ) والصحابة الكرام - عليهم من الله الرحمة والرضوان - ولذلك أرجو أن تكون الأمور مبسطة وميسرة، وهذا من يُمنِ وبركة الزواج أن تكون الأمور ميسرة ومسهلة وبسيطة.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً