الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما هو الإرهاب ومتى بدأ ظهوره؟

السؤال

السلام عليكم
ما هو الإرهاب وكيف يمكن تعريفه؟ وكيف نشأ؟ ومتى بدأ ظهوره في العالم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وبعد:

من المسلمات العقلية أن الاتفاق على مفهوم المنطوق أعون على الفهم وأبعد عن الاختلاف، وبناء على هذه القاعدة المنطقية فإن السؤال المتبادر إلى الذهن أولاً: ما المراد بالإرهاب، حتى نستطيع أن نحدده ومن ثم نذكر حكم الشرع فيه.

وإن من الكلمات المتنازع عليها تنازعاً شديداً نظراً لتعدد المنطلقات الأيدلوجية في تفسيرها هل كلمة (الإرهاب) بل لا نغالي إذا قلنا أنه لا توجد كلمة أكثر إثارة للجدل منها في مختلف الوسائل الإعلامية المعاصرة، وقد تعجب إذا قلنا لك إن الغرب إلى اليوم لم يتفق على تعريف علمي واضح لهذه الكلمة أما الدول العربية فقد اعتمدت تعريفاً في وثيقة لها عرفت "بالاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب" مفاده أن الإرهاب هو: (كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به أيا كانت بواعثه أو أغراضه يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم في أبنائهم أو تعريض حياتهم وأمنهم للخطر... ولا تعد جريمة حالات الكفاح بمختلف الوسائل بما في ذلك الكفاح المسلح ضد الاحتلال الأجنبي والعدوان من أجل تقرير المصير لمبادئ القانون الدولي".
وهو تعريف جيد لأنه يضع الأمور في نصابها ويفرق بين الجريمة المنكرة، والحقوق المشرعة.

وإذا نظرنا إلى القرآن الكريم وجدنا أن هذه المصطلح له معنى آخر غير المعنى المتداول اليوم، فالله -عز وجل- يقول: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) والمعنى (ترهبون) أي ( تردعون) والمعنى أن عليكم أن تعدوا من القوة ما يجعل العدو يخاف من الحرب فيرتدع عن ممارسة العنف.

والخلاصة أن معنى الإرهاب في المفهوم الإسلامي والعربي (ردع المعتدي وتخويفه) فيقال: " أرهب فلان فالنا " أي خوفه. ويقال: يرهب رهبة ورهبا يعني: خاف.
وقد وردت مشتقات كلمة (رهب) في القرآن سبع مرات مختلفة دالة على معنى الخوف والتخويف، منها قوله تعالى:
- (وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ).
- يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ).
- (فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ).
وكلها معان دالة على المعنى المراد للكلمة في المفهوم الإسلامي والعربي.

ثانياً: بعد أن بينا مرادنا من التعريف نقول: إن المصطلح الدراج اليوم للكلمة يدور حول معنى: العنف والتطرف.
والعنف معناه انتزاع المطالب لا الحقوق بالقوة والإكراه، وإجبار الناس على ترك حقوقهم، وعدم التفريق عند انتزاع تلك المطالب بين المحارب وغيره، فيروع الآمن، ويقتل الأطفال والنساء والشيوخ، وتهدم البيوت على أصحابها المسالمين، وترتكب المجازر في سبيل تلك المطالب، وهذا كله من المحرمات الشرعية التي لا يقرها الإسلام ولا يقبل بها، بل إن العنف بقسميه: المادي والمعنوي محرم في الشرع.
فقد تجاوز الإسلام تحريم العنف المادي بأن حرم العنف المعنوي الذي يهدر كرامة الإنسان أو يسلب شعوره بالأمن والأمان أو يلحق الضرر بنفسيته بسبب لونه أو عرقه أو جنسه، وعد ذلك مخالفة شرعية، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله عز وجل لم يبعثني معنفا).

هذا التفريق هام جداً عند الحديث عن مفهوم الإرهاب وموقف الإسلام منه.

نسأل الله أن يحفظك وأن يرعاك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً