الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالإرهاق من خدمتي لأمي وكثرة احتياجاتها، أرشدوني

السؤال

أمي مسنة، وابتلاها الله بالمرض، فهي مريضة بمعظم الأمراض التي نعرفها، مثل الضغط والقلب والسكر والجلطات، ومريضة بورم سرطاني خبيث، منتشر في كل جسمها، شفاها الله وعافاها، وكتب أجرها.

تعاهدت أنا وأخي أن نتكفل بعلاج أمي من الناحية المادية، حيث إن دخلها ضعيف، ولا تطيق مصاريف العلاج، وتعهدت أنا أن أتكفل بالخدمة الصحية لأمي، وأن تقيم معي في بيتي لأهتم بها، وأرعاها.

أمي كل يوم يشتد عليها المرض أكثر، فتحتاج إلى الخدمة بشكل مستمر أكثر الليل مع النهار، وبدأ داخلي شعور بالتعب من قلة النوم، وعدم وجود وقت لمتابعة شؤون ابنتي وزوجي وبيتي.

أنا طبيبة، أعمل ٩ ساعات خارج المنزل، وأعود لخدمة أمي، بدأت أشعر بالضيق، وأشعر ب "ضياع الوقت " خصوصاً أنه لا يتبقى لدي أي وقت لصلاة التراويح، أو التعبد بشكل مكثف في رمضان، مثل بقية رمضانات السابقة.

علماً بأن أمي تفضل أن تكون في بيتي أكثر من بيوت إخوتي، لأنها تجد فيه الراحة معي، ومع زوجي جزاه الله خيراً.

أنصحوني وثبتوا فؤادي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Naglaa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - ابنتنا الكريمة - في استشارات إسلام ويب.

نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يُجزل لك الثواب، وأن يثقّل بهذا العمل ميزانك، واعلمي -أيتها الأخت الكريمة والبنت العزيزة- أن الله سبحانه وتعالى قد اصطفاك من بين إخوتك وإخوانك، واختارك وفضّلك بهذا الخير العميم والأجر الكبير، فإن برّك بأُمّك وإحسانك إليها، والقيام على خدمتها من أجلِّ الطاعات، وأعظم الأعمال التي تُقرُّبك إلى الله سبحانه وتعالى، فالله تعالى قد جعل حق الوالدين رديفًا لحقّه، فقال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: 23]، وجعل القيام على الوالدين والإنفاق عليهما من الجهاد في سبيل الله.

كوني على ثقةٍ تامَّةٍ من أن الله سبحانه وتعالى فتح لك باب خير، ووفقك لطاعةٍ عظيمةٍ وعملٍ جليلٍ، فاشكري الله تعالى، واسأليه أن يثبتك وأن يُعينك على القيام بهذا العمل على الوجه الأكمل الأتم.

اشكري الله تعالى كثيرًا أن رزقك زوجًا طيبًا يُعينك على هذا الخير، ويُثبتك عليه، فهذه نعمة جليلة حقُّها أن تُشكر، فما كلُّ امرأةٍ تريد أن تبرّ أمّها مثلك تجد زوجًا يُعينها على ذلك، فاشكري نعمة الله تعالى عليك، وأكثري من الثناء عليه بهذا، واعلمي أن هذا العمل خيرٌ لك من بعض نوافل الأعمال، والتي قد تتعطّلين عنها بسبب القيام بشؤون أُمِّك، كصلاة النوافل وغير ذلك، مع أنه يمكنك أن تقومي بما يمكنك من العمل الصالح في حدود قدرتك.

حاولي أن ترتّبي أوقاتك وتغتنمي فراغك بقدر استطاعتك، ولكن على كل حال هذا العمل الذي أنت عليه ليس سهلًا وليس عملًا يسيرًا، بل هو عملٌ جليل وطاعةٌ عظيمة، فاشكري الله تعالى عليها.

ذكّري نفسك دائمًا بالثواب الجزيل الذي أعدّه الله تعالى للبارِّين، فقد قال النبي (ﷺ): (الوالد أوسط أبواب الجنّة) أي أفضل باب يُدخل منه إلى الجنّة، وقال لأحد الصحابة عن الأم: (الْزمها فإن الجنة عند رجلها)، وجعل البر بالوالدين والقيام عليهما جهادًا في سبيل الله، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جدًّا.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن ييسّر لك الخير ويُعينك عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً