الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أدعو صديقة لترك المعاصي دون إحراجها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لدي صديقة مقربة، متدينة، ومن عائلة محافظة، كلانا -الحمد لله- نحفظ القرآن. وهي تسألني أحياناً بعض الأسئلة، وقبل أسبوع سألتني أن صديقة لها سألتها عن الاحتلام، وعن العادة، وأنا بحثت في موقعكم كثيراً، وأرسلت لها بعض الاستشارات.

تشكو لي بأنها تغيرت، ولن تعود كما كانت، وأحياناً تقول بأنها تكره نفسها، وتكره الحياة، وبأنه لها ذنوبًا تتوب منها وتعود.

أنا أشك بأنها تمارس العادة السرية، فهل يجوز أن أسألها وأتأكد منها إذا كانت تمارسها بهدف مساعدتها؟ وكيف أبدأ معها؟ وكيف أستطيع مساعدتها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زينب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك - ابنتنا الفاضلة - في الموقع، ونشكر لك وللصديقة، ولكم جميعًا الاهتمام بموضوع الزميلات، والحرص على مساعدتهنَّ على تجاوز الصعوبات، وهكذا ينبغي أن تكون المسلمات المؤمنات الصالحات، نسأل الله أن يُؤلّف القلوب، وأن يُعيننا على بذل الهدى، وأن ييسّر الهدى إلينا.

بشرى لمن سعدت في الإصلاح والخير والتوجيه، فـ (لأن يهدي الله بك رجلًا - أو امرأة - خيرٌ لك من حُمْر النّعم)، فكيف إذا كانت مَن نريد أن ننصحها، ونخفف عنها، ونرفع من ألمها النفسي، ونساعدها في لحظات الهبوط النفسي هي صديقة، هي فتاة مسلمة تحتاج إلى مَن يقف إلى جوارها؟

لذلك أرجو أولًا أن تقتربوا من هذه الصديقة، وبعد ذلك تسألوها عن حياتها وأحوالها، وعند الانبساط سيأتي السؤال عن مثل هذه الأمور.

لا مانع أيضًا من مناقشة مثل هذه الأمور باعتبارها موضوعاً؛ لأن كثيراً من البنات يعانين من هذه الناحية، مسألة العادة السرية، وأن كثيراً منهنَّ لا تستطيع أن تسأل في هذا الأمر، ثم تُبيّن عند ذلك الأحكام الشريعة في هذه المسألة، والخطط التي تُعين على التخلص منها.

إذا علمت الفتاة خطورة هذه العادة السيئة على مستقبلها الأسري، وعلى عفّتها، وعلى استقرارها النفسي؛ فإنها لا بد أن تترك هذه الممارسة الخاطئة، التي في الحقيقة لا تُوصل إلى الإشباع، لكنها تُوصل إلى سعارٍ دائم، وبالتالي هذه الأمور ينبغي أن تُناقش مناقشة علمية.

ليس من الضروري أن نسأل: هل أنت تفعلين كذا أو لا تفعلين؟ لكن نتكلّم عن هذه الظاهرة الموجودة عند كثير من الفتيات، ماذا قال فيها الأطباء، ماذا قال فيها العلماء؟ ماذا تكلّم عنها المشايخ؟ ما هي أحكام الصلاة، أحكام الصيام لمن تمارس مثل هذه الممارسة الخاطئة، مثل هذه الأمور تفتح آفاقاً، عندها ستعرف الصديقة الصواب، وغالبًا ما تتشجّع لتتحاور معكم، وليس من الضروري أن تفضح نفسها.

يعني: دائمًا مثل هذه الأمور حتى مَن يريد أن يسأل يقول: هب أن صديقة يحصل منها كذا؟ لستُ مطالباً أنا - رجلًا أو امرأة - أن أقول حصل مني كذا وكذا وأفضح نفسي؛ ولذلك لمّا قال علي (كُنْتُ أَجِدُ مَذْيًا، ‌فَأَمَرْتُ ‌الْمِقْدَادَ ‌أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ ﷺ عَنْ ذَلِكَ لِأنَّ ابْنَتَهُ عِنْدِي فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَهُ)، قال: (فأمرتُ المقداد)، أمر صحابياً آخر (فأمرت المقداد أن يسأل رسول الله ﷺ فسأله).

هذا يدلُّ على أدب عليٍّ - رضي الله عنه - وأدب الصحابة؛ لأنه لا يريد أن يسأل مثل هذا السؤال المحرج وهو متزوج من بنت النبي ﷺ.

أخذوا من هذا أن الإنسان ينبغي أن يكون محتشماً، وعميق الأدب، وكبير الأدب أمام الذين يتزوج بناته أو يتزوج منهم، وعند ذلك قال النبي ﷺ للمقداد: (اغسل ذكرك ثم توضأ) يعني: أعطاه الإجابة؛ لأن المذي الذي يخرج بمجرد الإثارة، يعني: عند الإثارة المادة التي تخرج هذه هي المذي، هذا يُغسل منها المكان، أمَّا المني الذي معه تهيج، ومعه رعشة، ومعه لذّة، ويعقبه فتور؛ هذا لا بد فيه من الغسل.

بالتالي أنا أريد أن أقول: مثل هذه الأمور تُناقش بهذه الطريقة اللطيفة، ولسنا مطالبين بأن نحقق، لا نستفيد إن كانت تفعل أو لا تفعل، كذلك أيضًا لا مانع من أن نتكلم عن أن باب التوبة مفتوح، وأن الإنسان مهما تكرر منه الخطأ ينبغي أن يُجدد التوبة، مع ضرورة أن يعرف أسباب السقوط مرة أخرى؛ فإن التوبة النصوح هي التي فيها إخلاص، وصدق مع الله، وندم، وعزم على عدم العود، كذلك رد الحقوق - إن كان هناك حقوق - لأصحابها، والإكثار من الحسنات الماحية؛ فالحسنات يُذهبن السيئات؛ وممَّا يُعين على الثبات التخلص من كل ما يُذكّرُ بالمعصية، من مواقع، أو صور، أو ذكريات ... كلُّ ذلك نتخلص منه؛ فإن في ذلك عوناً لنا على الثبات على توبتنا.

كنَّ عونًا لهذه الصديقة، واقتربنَ منها، والبداية معها تكون بالاقتراب منها والسؤال عنها، وبعد ذلك طرح مثل هذه المواضيع ومناقشتها؛ باعتبارها مواضيع موجودة في عالم البشر وفي عالم النساء.

نسأل الله لنا ولكنّ التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً