الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تغير أخي بعد زواجه وقلل تواصله معنا، فهل نعامله بالمثل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي الكبير وهو ليس شقيقي -بل أخي من أمي-، كانت علاقتنا جيدة به، ومع الأسف بعد زواجه من زوجته الثانية تغيرت معاملته، وصار لا يسأل عن أمي إلا في الأعياد والمناسبات بحجة أنه مشغول، ولا يزور بيتنا بحجة أن أبي موجود فيه، أما أنا فلا يجيب عن اتصالاتي، وأحيانًا يرد برسائل نصية، ولا يسأل عني أبدًا، مما يسبب لي الحزن والاكتئاب، مع العلم أني حساسة جدًا، فماذا أفعل؟ وما حكم الشرع في عدم الاتصال به مرة أخرى؟

شكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ريما حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.

قد أحسنت في استمرارك على التواصل مع أخيك وعدم قطعه، وهذا من توفيق الله تعالى لك، فإن صلة الرحم واجبة، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن جاءه يشكو إليه فقال: يَا رَسُولَ اللهِ ‌إِنَّ ‌لِي ‌قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُوننِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقَالَ له النبي صلى الله عليه وسلم-: (لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ، وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ).

والمقصود كأنما تُطعمهم أنت الرماد الحار، أي أنهم هم الذين يحترقون بالذنب، وهم الذين سيتألمون بقطعهم للرحم، وكأنه يقول له: استمر على ما أنت عليه ولا تقطعهم بسبب قطعهم لك، بل صرّح -عليه الصلاة والسلام- في حديث آخر فقال: (لَيْسَ ‌الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنِ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قَطَعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا).

فبيَّن -عليه الصلاة والسلام- أن صلة الرحم ليست مقايضة ومكافأة بحيث إذا وصلني وصلتُه، وإذا لم يصلني قطعته، بل هي عبادة، وهي فريضة فرضها الله سبحانه وتعالى؛ لما يترتّب عليها من المنافع والمصالح، فالذي يقوم بها هو المأجور، والآخر هو الآثم المأزور.

فأنتِ استمري على ما أنت عليه من التواصل مع أخيك، واصبري على ذلك، فأجرُك محفوظ، فإن الله لا يُضيع أجر مَن أحسن عملًا، ولا يجوز لك أن تقطعي التواصل معه بالكلية، بل تواصلي معه في حدود الفرض على الأقل، وهو ما يعدُّه الناس تواصلًا، وإذا زدت على ذلك فنصحت أخاك وذكّرته بالله سبحانه وتعالى وبعبادة صِلة الرِّحم، وحذّرته من القطيعة والعقوق الذي هو واقع فيه؛ فهذا إحسانٌ إلى إحسان، ودعوة إلى الله سبحانه وتعالى، ونهيٌ عن المنكر، كلُّها عبادات تُؤجرين عليها.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً